ويستغفره ، فطاف به البحار وبعد أن أقام في بطن الحوت ثلاثة أيّام ، وقيل : سبعة أيّام ، وقيل : أربعين يوما ، وقيل : تسع ساعات ، وقيل : ثلاث ساعات ، وقيل : سبع ساعات ، نبذه الحوت وألقاه في البرّ وهو مريض ، ثمّ أنبت الله عليه شجرة من يقطين ففرح بها ، ثمّ أبادها الله فاغتمّ عليها ، فأوحى الله إليه : يا يونس! تأسف وتغتمّ لفقدان يقطينة لا قيمة لها ، فكيف بي وأنا الرحمن الرحيم أفلا أهتمّ بمدينة يسكنها الآلاف من الناس ، وأنت لا تنقذهم من الضلال والكفر والشرك الذي هم فيه ، وتبعدهم عن غضبي الماحق؟ فعند ذاك طلب العفو والعذر من الله لتركه أهل نينوى والهرب منهم ، فتوجّه إلى نينوى وقام بإرشادهم وهدايتهم وتقديم النصح لهم ، فآمنوا به وبرسالته وصدّقوه.
ويقول اليهود : إنّ الله أمر يونان بأن يقصد نينوى ويرشد أهلها ويمنعهم عن غيّهم وشرورهم وكفرهم ، ولكنّه لم يتحمّل أمر البارئ ، وتردّد في ذلك لخوفه منهم ، وقرّر الهرب إلى مدينة ترشيش ، فرحل إلى يافا ، ومنها استقلّ سفينة ذاهبة إلى ترشيش ، فأرسل الله ريحا شديدة كادت تغرق السفينة ومن عليها ، فتيقّن ركّاب السفينة أنّ غضبا من الله نزل عليهم بسبب أحد ركّابها ، فعملوا قرعة لمعرفة الشخص الذي بسببه غضب الله عليهم ، فخرجت عليه ، فأشار عليهم بأن يلقوه في البحر ، وبذلك يتخلّصون من غضب الله ويسكن الطوفان ، فألقوه في البحر فالتقمه حوت ، فهدأ هيجان البحر وسلم ركّاب السفينة.
وفي جوف الحوت أخذ يونس يدعو ربّه ويستغيث به ، وبعد أن مضى عليه ثلاثة أيّام وثلاث ليال في بطن الحوت استجاب الله دعاءه ، ولبّى استغاثته ، فلفظه الحوت على الساحل ، فأوحى الله إليه بأن يذهب إلى نينوى ، فذهب إليها ، وبأمر من الله أنذر أهلها بأنّ المدينة ستنقلب عليهم وسيهلكون بأجمعهم بعد أربعين يوما إذا هم لم يؤمنوا به وبرسالته ، ويطيعوا أوامره وإرشاداته ، فعند ذاك آمنوا بالله وتركوا أصنامهم ، وآمن معهم ملكهم ، فأخذوا يصومون ويصلّون.
ولمّا مضت أيّام الإنذار ولم ينزل عليهم العذاب اغتمّ يونان ؛ لأنّ إنذاره لم يتحقّق ، فخرج من نينوى إلى الصحراء ، فأنبت الله عليه شجرة اليقطين ، ففرح بها وبظلّها ، ثمّ