آخرهم كما يأكل أولهم حتى قيل إنها كان يأكل منها نحو سبعة آلاف.
ثم كانت تنزل
يوما بعد يوم ، كما كانت ناقة صالح يشربون لبنها يوما بعد يوم. ثم أمر الله عيسى
أن يقصرها على الفقراء والمحاويج دون الأغنياء. فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم
منافقوهم في ذلك ، فرفعت بالكلية ومسخ الذين تكلموا في ذلك خنازير.
وقد روى ابن
أبي حاتم وابن جرير جميعا ، حدثنا الحسن بن قزعة الباهلي ، حدثنا سفيان بن حبيب ،
حدثنا سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة عن خلاس ، عن عمار بن ياسر ، عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «نزلت المائدة من السماء خبزا ولحما وأمروا ألا
يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد ، فخانوا وادخروا ورفعوا ، فمسخوا قردة وخنازير»
.
ثم رواه ابن
جرير عن بندار ، عن ابن أبي عدي ، عن سعيد ، عن قتادة ، عن خلاس ، عن عمار موقوفا.
وهذا أصح. وكذا رواه من طريق سماك ، عن رجل من بني عجل ، عن عمار موقوفا. وهو
الصواب والله أعلم.
وخلاس عن عمار
منقطع ، فلو صح هذا الحديث مرفوعا لكان فيصلا في هذه القصة ، فإن العلماء اختلفوا
في المائدة : هل نزلت أم لا؟ فالجمهور أنها نزلت كما دلت عليه هذه الآثار كما هو
المفهوم من ظاهر سياق القرآن ولا سيما قوله : (إِنِّي مُنَزِّلُها
عَلَيْكُمْ) كما قرره ابن جرير والله أعلم.
وقد روى ابن
جرير بإسناد صحيح إلى مجاهد وإلى الحسن بن أبي الحسن البصري ، أنهما قالا : لم
تنزل وإنهم أبوا نزولها حين قال : (فَمَنْ يَكْفُرْ
بَعْدُ مِنْكُمْ فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذاباً لا أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِنَ
الْعالَمِينَ). ولهذا قيل إن النصارى لا يعرفون خبر المائدة وليس
مذكورا في كتابهم ، ومع أن خبرها مما تتوافر الدواعي على نقله. والله أعلم .
وقد تقصينا
الكلام على ذلك في التفسير فليطلب من هناك ، ومن أراد مراجعته فلينظره من ثم ولله
الحمد والمنة.
__________________