أبي هند ، عن الشعبي ، عن جابر بن عبد الله ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين : «فاطمة بنت محمد ، وخديجة بنت خويلد ، وآسية بنت مزاحم ، ومريم بنت عمران».
وقال أبو القاسم البغوي : حدثنا وهب بن بقية حدثنا خالد بن عبد الله الواسطي ، عن محمد ابن عمرو ، عن أبي سلمة ، عن عائشة ، أنها قالت لفاطمة : أرأيت حين أكببت على رسول الله صلىاللهعليهوسلم فبكيت ثم ضحكت؟ قالت : أخبرني أنه ميت من وجعه هذا فبكيت ، ثم أكببت عليه فأخبرني أني أسرع أهله لحوقا به وأني سيدة نساء أهل الجنة إلا مريم بنت عمران فضحكت.
وأصل هذا الحديث في الصحيح. وهذا إسناد على شرط مسلم وفيه أنهما أفضل الأربع المذكورات.
وهكذا الحديث الذي رواه الإمام أحمد : حدثنا عثمان بن محمد ، حدثنا جرير ، عن يزيد هو ابن أبي زياد ، عن عبد الرحمن بن أبي نعم ، عن أبي سعيد ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «فاطمة سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم بنت عمران» (١). إسناد حسن وصححه الترمذي ولم يخرجوه ، وقد روي نحوه من حديث علي بن أبي طالب ولكن في إسناده ضعف.
والمقصود أن هذا يدل على أن مريم وفاطمة أفضل هذه الأربع. ثم يحتمل الاستثناء أن تكون مريم أفضل من فاطمة ويحتمل أن يكون على السواء في الفضيلة.
ولكن ورد حديث إن صح عين الاحتمال الأول فقال الحافظ أبو القاسم بن عساكر : أنبأنا أبو الحسين بن الفراء وأبو غالب وأبو عبد الله ابنا البنا ، قالوا أنبأنا أبو جعفر بن المسلمة ، أنبأنا أبو طاهر المخلص ، حدثنا أحمد بن سليمان ، حدثنا الزبير هو بن بكار ، حدثنا محمد بن الحسن ، عن عبد العزيز بن محمد ، عن موسى بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «سيدة نساء أهل الجنة مريم بنت عمران ثم فاطمة ثم خديجة ثم آسية امرأة فرعون».
فإن كان هذا اللفظ محفوظا بثم التي للترتيب فهو مبين لأحد الاحتمالين اللذين دل عليهما الاستثناء ، وتقدم على ما تقدم من الألفاظ التي وردت بواو العطف التي لا تقتضي الترتيب ولا تنفيه. والله أعلم.
وقد روى هذا الحديث أبو حاتم الرازي عن داود الجعفري ، عن عبد العزيز بن محمد وهو الدراوردي ، عن إبراهيم بن عقبة ، عن كريب ، عن ابن عباس مرفوعا. فذكره بواو العطف لا بثم الترتيبية! فخالفه إسنادا ومتنا. فالله أعلم.
فأما الحديث الذي رواه ابن مردويه من حديث شعبة ، عن معاوية بن قرة عن أبيه قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : «كمل من الرجال كثير ولم يكمل من النساء إلا ثلاث : مريم بنت عمران وآسية
__________________
(١) الحديث رواه أحمد في مسنده (٣ / ٦٤ ، ٨٠).