وثماني عشرة سنة وبنو بنيه شيوخ في المجلس ، فنادتهم فقالت : هذا عزير قد جاءكم. فكذبوها ، فقالت : أنا فلانة مولاتكم دعا لي ربه فرد عليّ بصري وأطلق رجلي وزعم أن الله أماته مائة سنة ثم بعثه. قال : فنهض الناس فأقبلوا إليه فنظروا إليه فقال ابنه : كان لأبي شامة سوداء بين كتفيه.
فكشف عن كتفيه فإذا هو عزير فقالت بنو اسرائيل : فإنه لم يكن فينا أحد حفظ التوراة فيما حدثنا غير عزير وقد حرق بختنصر التوراة ولم يبق منها شيء إلا ما حفظت الرجال ، فاكتبها لنا ، وكان أبوه سروخا قد دفن التوراة أيام بختنصر في موضع لم يعرفه أحد غير عزير ، فانطلق بهم إلى ذلك الموضع فحفره فاستخرج التوراة وكان قد عفن الورق ودرس الكتاب.
قال : وجلس في ظل شجرة وبنو إسرائيل حوله فجدد لهم التوراة ونزل من السماء شهابان حتى دخلا جوفه. فتذكر التوراة فجددها لبني إسرائيل ، فمن ثم قالت اليهود. عزير ابن الله ، للذي كان من أمر الشهابين وتجديده التوراة وقيامه بأمر بني إسرائيل ، وكان جدد لهم التوراة بأرض السواد بدير حزقيل ، والقرية التي مات فيها يقال لها سايراباذ.
قال ابن عباس : فكان كما قال الله تعالى : (وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِلنَّاسِ) يعني لبني إسرائيل ، وذلك أنه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات وهو ابن أربعين سنة ، فبعثه الله شابا كهيئته يوم مات.
قال ابن عباس : بعث بعد بختنصر وكذلك قال الحسن.
وقد أنشد أبو حاتم السجستاني في معنى ما قاله ابن عباس :
وأسود رأس شاب من قبله ابنه |
|
ومن قبله ابن ابنه فهو أكبر |
يرى ابنه شيخا يدبّ على عصا |
|
ولحيته سوداء والرأس أشقر |
وما لأبنه حيل ولا فضل قوة |
|
يقوم كما يمشي الصبيّ فيعثر |
يعدّ ابنه في الناس تسعين حجة |
|
وعشرين لا يجري ولا يتبختر |
وعمر أبيه أربعون أمرّها |
|
لابن ابنه تسعون في الناس غبّر |
فما هو في المعقول إن كنت داريا |
|
وإن كنت لا تدري فبالجهل تعذر |