فأرسل الله إليه ملكا فأرقه ثلاثا ، ثم أعطاه قارورتين في كل يد قارورة ، وأمر أن يحتفظ بهما.
قال : فجعل ينام وكادت يداه تلتقيان ، فيستيقظ فيحبس إحداهما على الأخرى ، حتى نام نومة فاصطفقت يداه فانكسرت القارورتان ، قال : فضرب الله له مثلا : أن لو كان ينام لم تستمسك السماء والأرض».
وهذا حديث غريب رفعه ، والأشبه أن يكون موقوفا ، وأن يكون أصله إسرائيليا.
وقال الله تعالى : (وَإِذْ أَخَذْنا مِيثاقَكُمْ وَرَفَعْنا فَوْقَكُمُ الطُّورَ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ ..)
[٢ / البقرة : ٦٣ ، ٦٤]
وقال تعالى : (وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ واقِعٌ بِهِمْ خُذُوا ما آتَيْناكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا ما فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ.)
[٧ ـ / الأعراف : ١٧١]
قال ابن عباس وغير واحد من السلف : لما جاءهم موسى بالألواح فيها التوراة أمرهم بقبولها والأخذ بها بقوة وعزم. فقالوا : انشرها علينا فإن كانت أوامرها ونواهيها سهلة قبلناها ، فقال : بل اقبلوها بما فيها ، فراجعوه مرارا ، فأمر الله الملائكة فرفعوا الجبل على رؤوسهم حتى صار كأنه ظلة ، أي غمامة ، على رؤوسهم ، وقيل لهم إن لم تقبلوها بما فيها وإلا سقط هذا (١) الجبل عليكم فقبلوا ذلك وأمروا بالسجود فسجدوا ، فجعلوا ينظرون إلى الجبل بشق وجوههم ، فصارت سنة اليهود إلى اليوم ، يقولون لا سجدة أعظم من سجدة رفعت عنا العذاب.
وقال سنيد بن داود عن حجاج بن محمد ، عن أبي بكر بن عبد الله قال : فلما نشرها لم يبق على وجه الأرض جبل ولا شجر ولا حجر إلا اهتز ، فليس على وجه الأرض يهودي صغير ولا كبير تقرأ عليه التوراة إلا اهتز ونفض لها رأسه.
قال الله تعالى : (ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ) أي ثم بعد مشاهدة هذا الميثاق العظيم والأمر الجسيم نكثتم عهودكم ومواثيقكم (فَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ) «بأن تدارككم بالإرسال إليكم وإنزال الكتب عليكم. (لَكُنْتُمْ مِنَ الْخاسِرِينَ.)
__________________
(١) و : ذلك الجبل.