ونحوه (قالُوا لَنا هذِهِ) أي هذا الذي نستحقه ، وهذا الذي يليق بنا (وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى وَمَنْ مَعَهُ) أي يقولون هذا بشؤمهم أصابنا هذا ولا يقولون في الأول إنه ببركتهم وحسن مجاورتهم [لهم] ولكن قلوبهم منكرة مستكبرة نافرة عن الحق ، إذا جاء الشر أسندوه إليه ، وإن رأوا خيرا ادعوه لأنفسهم. قال الله تعالى : (أَلا إِنَّما طائِرُهُمْ عِنْدَ اللهِ) أي الله يجزيهم على هذا أوفر الجزاء. (ولكن أكثرهم لا يعلمون).
(وَقالُوا مَهْما تَأْتِنا بِهِ مِنْ آيَةٍ لِتَسْحَرَنا بِها فَما نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ) أي مهما جئتنا به من الآيات ـ وهي الخوارق للعادات ـ فلسنا نؤمن بك ولا نتبعك ولا نطيعك ، ولو جئتنا بكل آية. وهكذا أخبر الله عنهم في قوله : (إِنَّ الَّذِينَ حَقَّتْ عَلَيْهِمْ كَلِمَتُ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ* وَلَوْ جاءَتْهُمْ كُلُّ آيَةٍ حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ).
قال الله تعالى : (فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ.)
[٧ / الأعراف : ١٣٣]
أما الطوفان فعن ابن عباس : هو كثرة الأمطار المغرقة المتلفة للزروع والثمار ، وبه قال سعيد بن جبير وقتادة والسدي والضحاك وعن ابن عباس وعطاء : هو كثرة الموت ، وقال مجاهد : الطوفان الماء والطاعون على كل حال ، وعن ابن عباس : أمر طاف بهم.
وقد روى ابن جرير وابن مردويه من طريق يحيى بن يمان ، عن المنهال بن خليفة ، عن الحجاج ، عن الحكم بن ميناء ، عن عائشة عن النبي صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «الطوفان الموت» (١) وهو غريب.
وأما الجراد فمعروف ، وقد روى أبو داود عن أبي عثمان ، عن سلمان الفارسي ، قال :
سئل رسول الله عن الجراد ، فقال : «أكثر جنود الله لا آكله ولا أحرمه» (٢). وترك النبي صلىاللهعليهوسلم أكله إنما هو على وجه التقذر له ، كما ترك أكل الضب وتنزه عن أكل البصل والثوم والكراث ، لما ثبت في الصحيحين عن عبد الله بن أبي أوفي قال : غزونا مع رسول الله صلىاللهعليهوسلم سبع غزوات نأكل الجراد (٣) وقد تكلمنا على ما ورد فيه من الأحاديث والآثار في التفسير.
والمقصود أنه استاق خضراءهم فلم يترك لهم زرعا ولا ثمارا ولا سبدا ولا لبدا (٤). وأما القمل فعن أبن عباس : هو السوس الذي يخرج من (٥) الحنطة. وعنه أنه الجراد الصغار الذي لا
__________________
(١) حديث ضعيف. رواه السيوطي في الفتح الكبير (٢ / ٢١٩ / حلبي). ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير الطبري في تفسيره وابن مردويه وفيه : المنهال بن خليفة العجلي أبو قدامة الكوفي ضعيف من السابعة ـ د ت ق أه تقريب التهذيب ـ (٢ / ٢٧٧ / ١٤٠١). المغني في الضعفاء (٢ / ٦٧٩ / ٦٤٤٩).
(٢) الحديث رواه أبو داود (٢ / ٣٢١ / حلبي). كتاب الأطعمة ـ باب في أكل الجراد. وفيه : محمد ابن الفرج بن محمود البغدادي ، أبو بكر الأزرق. صدوق ربما وهم ، من الحادية عشرة ، مات سنة اثنتين وثمانين تمييز. أه. تقريب التهذيب (٢ / ٢٠٠ / ٦٢١).
(٣) حديث صحيح. رواه مسلم (٣٤ / ٨ / ٥٢). ورواه البخاري (٧٢ / ١٣). ورواه أبو داود (٢ / ٣٢١ / حلبي).
كتاب الأطعمة ـ باب في آكل الجراد.
(٤) السيد : القليل. اللبد : الكثير.
(٥) و : في