أي ثوابه خير مما وعدتنا به من التقريب (١) والترغيب ، «وأبقى» أي وأدوم من هذه الدار الفانية. وفي الآية الأخرى : «قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون* إنا نطمع أن يغفر لنا ربنا خطايانا» أي ما اجترمناه من المآثم والمحارم «أن كنا أول المؤمنين» أي من القبط ، بموسى وهارون عليهماالسلام.
وقالوا له أيضا : «وما تنقم منا إلا أن آمنا بآيات ربنا لما جاءتنا» أي ليس لنا عندك ذنب إلا إيماننا (٢) بما جاءنا به رسولنا ، واتباعنا آيات ربنا لما جاءتنا «ربنا أفرغ علينا صبرا» أي ثبتنا على ما ابتلينا به من عقوبة هذا الجبار العنيد ، والسلطان الشديد ، بل الشيطان المريد ، «وتوفنا مسلمين».
وقالوا أيضا يعظونه ويخوفونه بأس ربه العظيم : «إنه من يأت ربه مجرما فإن له جهنم لا يموت فيها ولا يحيا» يقولون له : فإياك أن تكون منهم. فكان منهم : «ومن يأته مؤمنا قد عمل الصالحات فأولئك لهم الدرجات العلى» أي المنازل العالية ، «جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك جزاء من تزكى» فأحرص أن تكون منهم فحالت بينه وبين ذلك الأقدار التي لا تغالب ولا تمانع ، وحكم العلي العظيم بأن فرعون ـ لعنه الله ـ من أهل الجحيم ، ليباشر العذاب الأليم ، يصب من فوق رأسه الحميم. ويقال له على وجه التقريع والتوبيخ ، وهو المقبوح المنبوح والذميم اللئيم : «ذق إنك أنت العزيز الكريم».
والظاهر أن من هذه السياقات أن فرعون ـ لعنه الله ـ صلبهم وعذبهم رضي الله عنهم. قال عبد الله بن عباس وعبيد بن عمير : كانوا من أول النهار سحرة ، فصاروا من آخره شهداء بررة!
ويؤيد هذا قولهم : «ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين».
__________________
(١) و : الترهيب.
(٢) و : إلا في إيماننا.