صابِراً
نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ.)
[٣٨ / ص : ٤١ ـ
٤٤]
وروى ابن عساكر
من طريق الكلبي أنه قال : أول نبي بعث إدريس ، ثم نوح ، ثم إبراهيم ، ثم إسماعيل ،
ثم إسحاق ، ثم يعقوب ، ثم يوسف ، ثم لوط ، ثم هود ، ثم صالح ، ثم موسى وهارون ، ثم
إلياس ، ثم اليسع ، ثم عرفى بن سويلخ بن أفراثيم بن يوسف بن يعقوب ثم يونس بن متي
من بني يعقوب ، ثم أيوب بن زراح بن آموص بن ليفرز بن العيص بن إسحاق بن ابراهيم.
وفي بعض هذا الترتيب نظر فإن هودا وصالحا : المشهور أنهما بعد نوح وقيل إبراهيم.
والله أعلم.
* * *
قال علماء
التفسير والتاريخ وغيرهم : كان أيوب رجلا كثير المال من سائر صنوفه وأنواعه ؛ من
الأنعام والعبيد والمواشي ؛ والأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران. وحكى ابن
عساكر : أنها كلها كانت له. وكان له أولاد وأهلون كثير.
فسلب منه ذلك
جميعه ، وابتلي في جسده بأنواع من البلاء ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه ،
يذكر الله عزوجل بهما. وهو في ذلك كله صابر محتسب ، ذاكرا الله عزوجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه.
وطال مرضه حتى
عافه الجليس ، وأوحش منه الأنيس ، وأخرج من بلده وألقى على مزبلة خارجها ، وانقطع
عنه الناس ، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى زوجته ، كانت ترعى له حقه ، وتعرف قديم
إحسانه إليها وشفقته عليها. فكانت تتردد إليه فتصلح من شأنه ، وتعينه على قضاء
حاجته.
وتقوم بمصلحته.
وضعف حالها وقل مالها حتى كانت تخدم الناس بالأجر ، لتطعمه وتقوم بأوده ، رضي الله
عنها وأرضاها ، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد ، وما يختص بها
من المصيبة بالزوج ، وضيق ذات اليد وخدمة الناس ، بعد السعادة والنعمة والخدمة
والحرمة. فإنا لله وإنا إليه راجعون!
وقد ثبت في
الحديث أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم قال : «أشد الناس بلاء الأنبياء ، ثم الصالحون ، ثم
الأمثل فالأمثل» وقال «يبتلى الرجل على حسب دينه ، فإن كان في دينه صلابة زيد في
بلائه»
ولم يزد هذا
كله أيوب عليهالسلام إلا صبرا واحتسابا وحمدا وشكرا حتى إن المثل ليضرب
بصبره عليهالسلام ، ويضرب المثل أيضا بما حصل له من أنواع البلايا.
__________________