وجل. فقال : ما طعامكم؟ قالت : اللحم. قال : فما شرابكم؟ قالت : الماء. قال : «اللهم بارك لهم في اللحم والماء».
قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «ولم يكن لهم يومئذ حب ، ولو كان لهم حب لدعا لهم فيه» قال فهما لا يخلو عليهما أحد بغير مكة إلا لم يوافقاه.
قال : فإذا جاء زوجك فاقرئي عليهالسلام ، ومريه يثبت عتبة بابه ، فلما جاء إسماعيل قال : هل أتاكم من أحد؟ قالت : نعم أتانا شيخ حسن الهيئة ، وأثنت عليه ، فسألني عنك فأخبرته ، فسألني كيف عيشنا؟ فأخبرته أنا بخير. قال : فأوصاك بشيء؟ قالت : نعم ، هو يقرأ عليك السلام ويأمرك أن تثبت عتبة بابك. قال : ذاك أبي وأنت العتبة ، أمرني أن أمسكك.
ثم لبث عنهم ما شاء الله ، ثم جاء بعد ذلك وإسماعيل يبري نبلا له تحت دوحة قريبا من زمزم ، فلما رآه قام إليه فصنعا كما يصنع الوالد بالولد والولد بالوالد ثم قال : يا إسماعيل إن الله أمرني بأمر. قال : فأصنع ما أمرك به ربك ، قال : وتعينني؟ قال وأعينك. قال : فإن الله أمرني أن أبني ها هنا بيتا. وأشار إلى أكمة مرتفعة على ما حولها.
قال : فعند ذلك رفعا القواعد من البيت ، فجعل إسماعيل يأتي بالحجارة وإبراهيم يبني ؛ حتى إذا ارتفع البناء جاء بهذا الحجر فوضعه له ، فقام عليه وهو يبني وإسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان : (رَبَّنا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ).
ثم قال : حدثنا عبد الله بن محمد ، حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ؛ حدثنا إبراهيم بن نافع ؛ عن كثير بن كثير ؛ عن سعيد بن جبير ؛ عن ابن عباس قال : لما كان بين إبراهيم وبين أهله ما كان ؛ خرج بإسماعيل وأم إسماعيل ؛ ومعهم شنة فيها ماء ؛ وذكر تمامه بنحو ما تقدم.
وهذا الحديث من كلام ابن عباس وموشح برفع بعضه ؛ وفي بعضه غرابة ، وكأنه مما تلقاه ابن عباس عن الإسرائيليات ؛ وفيه أن إسماعيل كان رضيعا إذ ذاك.
وعند أهل التوراة أن إبراهيم أمره الله بأن يختن ولده إسماعيل وكل من عنده من العبيد وغيرهم فختنهم ، وذلك بعد مضي تسع وتسعين سنة من عمره ، فيكون عمر إسماعيل يومئذ ثلاث عشرة سنة ، وهذا امتثال لأمر الله عزوجل في أهله ، فيدل على أنه فعله على وجه الوجوب. ولهذا كان الصحيح من أقوال العلماء أنه واجب على الرجال ، كما هو مقرر في موضعه.
وقد ثبت في الحديث الذي رواه البخاري : حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا مغيرة بن عبد الرحمن القرشي ، عن أبي الزناد عن الأعرج ، عن أبي هريرة قال : قال النبي صلىاللهعليهوسلم : «اختتن إبراهيم النبي عليهالسلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم».