وقال جاء من
وجه آخر متصلا كما ذكره محمد بن إسحق في السيرة عن إسماعيل بن أمية ، عن بجير بن
أبي بجير ، قال سمعت عبد الله بن عمر يقول : سمعت رسول الله صلىاللهعليهوسلم حين خرجنا معه إلى الطائف ، فمررنا بقبر ؛ فقال : «إن
هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف ؛ وكان من ثمود ؛ وكان بهذا الحرم يدفع عنه ؛ فلما
خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه ، وآية ذلك أنه دفن
معه غصن من ذهب ، إن أنتم نبشتم عنه أصبتموه معه. فابتدره الناس فاستخرجوا منه
الغصن».
وهكذا رواه أبو
داود من طريق محمد بن إسحاق به.
قال شيخنا حافظ
أبو الحجاج المزي رحمهالله : هذا حديث حسن عزيز.
قلت : تفرد به
بجير بن أبي بجير هذا ، ولا يعرف إلا بهذا الحديث ، ولم يرو عنه سوى إسماعيل بن أمية.
قال شيخنا : فيحتمل أنه وهم في رفعه ، وإنما يكون من كلام عبد الله بن عمرو من
زاملتيه. والله أعلم.
قلت : لكن في
المرسل الذي قبله وفي حديث جابر أيضا شاهد له. والله أعلم.
* * *
وقوله تعالى : (فَتَوَلَّى عَنْهُمْ وَقالَ : يا قَوْمِ
لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ وَلكِنْ لا تُحِبُّونَ
النَّاصِحِينَ) إخبار عن صالح عليهالسلام ، أنه خاطب قومه بعد هلاكهم ، وقد أخذ في الذهاب عن
محلتهم إلى غيرها قائلا لهم : (يا قَوْمِ لَقَدْ
أَبْلَغْتُكُمْ رِسالَةَ رَبِّي وَنَصَحْتُ لَكُمْ) أي جهدت في هدايتكم بكل ما أمكنني ، وحرصت على ذلك
بقولي وبعملي ونيتي.
(وَلكِنْ لا
تُحِبُّونَ النَّاصِحِينَ) أي لم تكن سجاياكم تقبل الحق ولا تريده ، فلهذا صرتم
إلى ما أنتم فيه من العذاب الأليم ، المستمر بكم المتصل إلى الأبد ، وليس لي فيكم
حيلة ولا لي بالدفع عنكم يدان. والذي وجب علي من أداء الرسالة والنصح لكم قد فعلته
وبذلته لكم ، ولكن الله يفعل ما يريد.
وهكذا خاطب
النبي صلىاللهعليهوسلم أهل قليب بدر بعد ثلاث ليال : وقف عليهم وقد ركب راحلته
وأمر بالرحيل من آخر الليل فقال : «يا أهل القليب هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟
فإني وجدت ما وعدني ربي حقا» وقال لهم فيما قال : «بئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم ،
كذبتموني وصدقني الناس ، وأخرجتموني وآواني الناس ، وقاتلتموني ونصرني الناس ،
فبئس عشيرة النبي كنتم لنبيكم».
فقال له عمر :
يا رسول الله تخاطب أقواما قد جيفوا؟ فقال : «والذي نفسي بيده ما أنتم بأسمع لما
أقول منهم ، ولكنهم لا يجيبون».
ويقال إن صالحا
عليهالسلام انتقل إلى حرم الله فأقام به حتى مات.