(قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلْ لِلَّهِ كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ لا رَيْبَ فِيهِ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (١٢) وَلَهُ ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٣) قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا فاطِرِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ قُلْ إِنِّي أُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَسْلَمَ وَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١٤)
سيروا لأجل النظر ولا تسيروا سير الغافلين ، ومعنى سيروا في الأرض ثم انظروا إباحة السير في الأرض للتجارة وغيرها وإيجاب النظر في آثار الهالكين ، ونبه على ذلك بثم لتباعد ما بين الواجب والمباح.
١٢ ـ (قُلْ لِمَنْ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من استفهام ، وما بمعنى الذي في موضع الرفع على الابتداء ، ولمن خبره (قُلْ لِلَّهِ) تقرير لهم أي هو لله لا خلاف بيني وبينكم ، ولا تقدرون أن تضيفوا منه شيئا إلى غيره (كَتَبَ عَلى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ) أصل كتب أوجب ولكن لا يجوز الإجراء على ظاهره إذ لا يجب على الله شيء للعبد ، فالمراد به أنه وعد ذلك وعدا مؤكدا وهو منجزه لا محالة ، وذكر النفس للاختصاص ورفع الوسائط ، ثم أوعدهم على إغفالهم النظر وإشراكهم به من لا يقدر على خلق شيء بقوله (لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فيجازيكم على شرككم (١) (لا رَيْبَ فِيهِ) في اليوم أو في الجمع (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) نصب على الذم ، أي أريد الذين خسروا أنفسهم باختيارهم الكفر (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) وقال الأخفش : الذين بدل من كم في ليجمعنّكم أي ليجمعنّ هؤلاء المشركين الذين خسروا أنفسهم ، والوجه هو الأول لأن سيبويه قال : لا يجوز مررت بي المسكين ولا بك المسكين فتجعل المسكين بدلا من الباء أو الكاف لأنهما في غاية الوضوح فلا يحتاجان إلى البدل والتفسير.
١٣ ـ (وَلَهُ) عطف على لله (ما سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) من السّكنى حتى يتناول الساكن والمتحرك ، أو من السكون ومعناه ما سكن وتحرّك فيهما ، فاكتفى بأحد الضدين عن الآخر كقوله : (تَقِيكُمُ الْحَرَّ) (٢) أي الحرّ والبرد ، وذكر السكون لأنّه أكثر من الحركة ، وهو احتجاج على المشركين لأنهم لم ينكروا أنه خالق الكلّ ومدبره (وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) يسمع كلّ مسموع ويعلم كلّ معلوم فلا يخفى عليه شيء مما يشتمل عليه الملوان.
١٤ ـ (قُلْ أَغَيْرَ اللهِ أَتَّخِذُ وَلِيًّا) ناصرا ومعبودا ، وهو مفعول ثان لأتخذ والأول
__________________
(١) في (ز) إشراككم.
(٢) النحل ، ١٦ / ٨١.