(الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ (٥١) وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٥٢) هَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ تَأْوِيلَهُ يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ قَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِّ فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ فَنَعْمَلَ غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ (٥٣) إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثاً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّراتٍ بِأَمْرِهِ أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبارَكَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٥٤)
٥١ ـ (الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْواً وَلَعِباً) فحرّموا وأحلّوا ما شاؤوا ، أو دينهم عيدهم (وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا) اغتروا بطول البقاء (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ) نتركهم في العذاب (كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا وَما كانُوا بِآياتِنا يَجْحَدُونَ) أي كنسيانهم وجحودهم.
٥٢ ـ (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ) ميّزنا حلاله وحرامه ومواعظه وقصصه (عَلى عِلْمٍ) عالمين بكيفية تفصيل أحكامه (هُدىً وَرَحْمَةً) حال من منصوب فصلناه ، كما أنّ على علم حال من مرفوعه (لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ).
٥٣ ـ (هَلْ يَنْظُرُونَ) ينتظرون (إِلَّا تَأْوِيلَهُ) إلا عاقبة أمره وما يؤول إليه من تبيّن صدقه وظهور صحة ما نطق به من الوعد والوعيد (يَوْمَ يَأْتِي تَأْوِيلُهُ يَقُولُ الَّذِينَ نَسُوهُ مِنْ قَبْلُ) تركوه وأعرضوا عنه (لَقَدْ جاءَتْ رُسُلُ رَبِّنا بِالْحَقِ) أي تبيّن وصحّ أنهم جاؤوا بالحقّ ، فأقروا حين لا ينفعهم (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا) جواب الاستفهام (أَوْ نُرَدُّ) جملة معطوفة على الجملة قبلها داخلة معها في حكم الاستفهام ، كأنه قيل فهل لنا من شفعاء أو هل نردّ ، رافعه وقوعه موقعا يصلح للاسم ، كقولك ابتداء هل يضرب زيد ، أو عطف على تقدير هل يشفع لنا شافع ، أو هل نردّ (فَنَعْمَلَ) جواب الاستفهام أيضا (غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ قَدْ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) ما كانوا يعبدونه من الأصنام.
٥٤ ـ (إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ) أراد السماوات والأرض وما بينهما وقد فصلها في «حم. السجدة» أي من الأحد إلى الجمعة ، لاعتبار الملائكة شيئا فشيئا ، وللإعلام بالتأني في الأمور ، ولأن لكلّ عمل يوما ، ولأنّ إنشاء شيء بعد شيء أدلّ على عالم مدبر مريد يصرّفه على اختياره ويجريه