(وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ (٤٨) أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ (٤٩) وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) (٥٠)
من العذاب (قالُوا رَبَّنا لا تَجْعَلْنا مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) فاستعاذوا بالله وفزعوا إلى رحمته أن لا يجعلهم معهم.
٤٨ ـ (وَنادى أَصْحابُ الْأَعْرافِ رِجالاً) من رؤوس الكفرة (يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيماهُمْ قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ) المال ، أو كثرتكم واجتماعكم ، وما نافية (وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) واستكباركم عن (١) الحقّ وعلى الناس.
٤٩ ـ ثم يقولون لهم (أَهؤُلاءِ) مبتدأ (الَّذِينَ) خبر مبتدأ مضمر تقديره أهؤلاء هم الذين (أَقْسَمْتُمْ) حلفتم في الدنيا ، والمشار إليهم فقراء المؤمنين كصهيب وسليمان ونحوهما (لا يَنالُهُمُ اللهُ بِرَحْمَةٍ) جواب أقسمتم ، وهو داخل في صلة الذين ، تقديره أقسمتم عليهم بأن لا ينالهم الله برحمة ، أي لا يدخلهم الجنة ، يحتقرونهم لفقرهم ، فيقال لأصحاب الأعراف (ادْخُلُوا الْجَنَّةَ) وذلك بعد أن نظروا إلى الفريقين وعرفوهم بسيماهم وقالوا ما قالوا (لا خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلا أَنْتُمْ تَحْزَنُونَ).
٥٠ ـ (وَنادى أَصْحابُ النَّارِ أَصْحابَ الْجَنَّةِ أَنْ أَفِيضُوا عَلَيْنا مِنَ الْماءِ) أن مفسرة ، وفيه دليل على أنّ الجنة فوق النار (أَوْ مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ) من غيره من الأشربة لدخوله في حكم الإفاضة ، أو أريد وألقوا علينا مما رزقكم الله من الطعام والفاكهة كقوله* علفتها تبنا وماءا باردا (٢) * أي وسقيتها ، وإنما سألوا ذلك مع يأسهم عن الإجابة لأنّ المتحيّر ينطق بما يفيد وما (٣) لا يفيد (قالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُما عَلَى الْكافِرِينَ) هو تحريم منع كما في (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ) (٤) وتقف هنا إن رفعت أو نصبت ما بعده ذما ، وإن جررته وصفا للكافرين فلا.
__________________
(١) في (ز) على.
(٢) هو عجز بيت صدره : ولما حططت الرحل عنها واردا.
(٣) في (ظ) و (ز) بما.
(٤) القصص ، ٢٨ / ١٢. تفسير النسفي ج ٢ / م ٦