(قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥) قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ (١٦) ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (١٧)
المطيعين والمتواضعين ، والفاء في فاهبط جواب لقوله أنا خير منه ، أي إن كنت تتكبر فاهبط (فَما يَكُونُ لَكَ) فما يصح لك (أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) وتعصي (فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) من أهل الصّغار والهوان على الله وعلى أوليائه ، يذمّك كلّ إنسان ويلعنك كلّ لسان لتكبّرك ، وبه علم أنّ الصّغار لازم للاستكبار.
١٤ ـ (قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أمهلني إلى يوم البعث وهو وقت النفخة الأخيرة.
١٥ ـ (قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ) إلى النفخة الأولى (١) ، وإنما أجيب إلى ذلك لما فيه من الابتلاء ، وفيه تقريب لقلوب الأحباب ، أي هذا بريء بمن يسبني (٢) فكيف بمن يحبّني ، وإنما جسره على السؤال مع وجود الزّلل منه في الحال علمه بحلم ذي الجلال.
١٦ ـ (قالَ فَبِما أَغْوَيْتَنِي) أضللتني ، أي فبسبب إغوائك إياي ، والباء تتعلق بفعل القسم المحذوف ، تقديره فسبب إغوائك أقسم ، أو تكون الباء للقسم أي فأقسم بإغوائك (لَأَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِراطَكَ الْمُسْتَقِيمَ) لأعترضنّ لهم على طريق الإسلام مترصدا للردّ متعرضا للصدّ كما يتعرض العدو على الطريق ليقطعه على السابلة ، وانتصابه على الظرف كقولك ضرب زيد الظهر أي على الظهر ، وعن طاوس أنه كان في المسجد الحرام فجاء رجل قدريّ فقال له طاوس : تقوم أو تقام؟ فقام الرجل ، فقيل : إنه فقيه (٣)؟ فقال : إبليس أفقه منه ، قال رب بما أغويتني ، وهو يقول أنا أغوي نفسي.
١٧ ـ (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ) أشكّكهم في الآخرة (وَمِنْ خَلْفِهِمْ) أرغّبهم في الدنيا (وَعَنْ أَيْمانِهِمْ) من قبل الحسنات (وَعَنْ شَمائِلِهِمْ) من قبل السيئات ، وهو جمع شمال ، يعني ثم لآتينهم من الجهات الأربع التي يأتي منها العدو في الأغلب ، وعن
__________________
(١) في (ظ) إلى يوم الوقت المعلوم أي النفخة الأولى.
(٢) في (ز) يسيئني.
(٣) في (ز) فقيل له : أتقول هذا لرجل فقيه.