(وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلاَّ تَتَّخِذُوا مِنْ دُونِي وَكِيلاً (٢) ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ إِنَّهُ كانَ عَبْداً شَكُوراً (٣) وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) (٤)
وأحوالها ، وأخبرهم أيضا بما رأى في السماء من العجائب ، وأنه لقي الأنبياء عليهمالسلام ، وبلغ البيت المعمور وسدرة المنتهى ، وكان الإسراء قبل الهجرة بسنة وكان في اليقظة ، وعن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : والله ما فقد جسد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ولكن عرج بروحه (١) ، وعن معاوية مثله ، وعلى الأول الجمهور إذ لا فضيلة للحالم ولا مزية للنائم (إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى) هو بيت المقدس لأنه لم يكن حينئذ وراءه مسجد (الَّذِي بارَكْنا حَوْلَهُ) يريد بركات الدين والدنيا ، لأنه متعبد الأنبياء عليهمالسلام ، ومهبط الوحي ، وهو محفوف بالأنهار الجارية والأشجار المثمرة (لِنُرِيَهُ) أي محمدا عليهالسلام (مِنْ آياتِنا) الدالة على وحدانية الله وصدق نبوته برؤيته السماوات وما فيها من الآيات (إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ) للأقوال (الْبَصِيرُ) بالأفعال ، ولقد تصرّف الكلام على لفظ الغائب والمتكلّم فقيل أسرى ثم باركنا ، ثم إنه هو ، وهي طريقة الالتفات التي هي من طرق البلاغة.
٢ ـ (وَآتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَجَعَلْناهُ) أي الكتاب وهو التوراة (هُدىً لِبَنِي إِسْرائِيلَ أَلَّا تَتَّخِذُوا) أي لا تتخذوا ، وبالياء أبو عمرو أي لئلا يتخذوا (مِنْ دُونِي وَكِيلاً) ربا تكلون إليه أموركم.
٣ ـ (ذُرِّيَّةَ مَنْ حَمَلْنا مَعَ نُوحٍ) نصب على الاختصاص ، أو على النداء فيمن قرأ لا تتخذوا بالتاء على النهي ، أي قلنا لهم لا تتخذوا من دوني وكيلا يا ذرية من حملنا مع (٢) نوح (إِنَّهُ) إن نوحا عليهالسلام (كانَ عَبْداً شَكُوراً) في السراء والضراء ، والشكر مقابلة النعمة بالثناء على المنعم ، وروي أنه كان لا يأكل ولا يشرب ولا يلبس إلا قال الحمد لله ، وأنتم ذرية من آمن به وحمل معه فاجعلوه أسوتكم كما جعله أباؤكم أسوتهم ، وآية رشد الأبناء صحة الاقتداء بسنّة الآباء ، وقد عرفتم حال الآباء هنالك فكونوا أيها الأبناء كذلك.
٤ ـ (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ) وأوحينا إليهم
__________________
(١) ابن إسحاق في المغازي وفيه أسرى بدل عرج.
(٢) في (ز) على.