(وَقالَ اللهُ لا
تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ فَإِيَّايَ
فَارْهَبُونِ (٥١) وَلَهُ ما فِي
السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَلَهُ الدِّينُ واصِباً أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ
(٥٢) وَما
بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللهِ ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ
تَجْئَرُونَ (٥٣) ثُمَّ إِذا كَشَفَ
الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ
يُشْرِكُونَ)
(٥٤)
(وَهُوَ الْقاهِرُ
فَوْقَ عِبادِهِ) (وَيَفْعَلُونَ ما
يُؤْمَرُونَ) وفيه دليل على أنّ الملائكة مكلّفون مدارون على الأمر
والنهي ، وأنهم بين الخوف والرجاء.
٥١ ـ (وَقالَ اللهُ لا تَتَّخِذُوا إِلهَيْنِ
اثْنَيْنِ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) فإن قلت إنما جمعوا بين العدد والمعدود فيما وراء الواحد
والاثنين ، فقالوا عندي رجال ثلاثة ، لأن المعدود عار عن الدلالة على العدد الخاص
، فأما رجل ورجلان فمعدودان فيهما دلالة على العدد ، فلا حاجة إلى أن يقال رجل
واحد ورجلان اثنان ، قلت الاسم الحامل لمعنى الإفراد والتثنية دال على شيئين على
الجنسية والعدد المخصوص ، فإذا أريدت الدلالة على أنّ المعنيّ به منهما هو العدد
شفع بما يؤكده ، فدلّ به على القصد إليه ، والعناية به ، ألا ترى أنك لو قلت إنما
هو إله ولم تؤكده بواحد لم يحسن ، وخيّل أنك تثبت الإلهية لا الوحدانية (فَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) نقل الكلام عن الغيبة إلى التكلّم ، وهو من طريقة الالتفات
، وهو أبلغ في الترغيب من قوله فإياه فارهبوه . فارهبوني يعقوب.
٥٢ ـ (وَلَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ
وَلَهُ الدِّينُ) أي الطاعة (واصِباً) واجبا ثابتا لأنّ كلّ نعمة منه ، فالطاعة واجبة له على كلّ
منعم عليه ، وهو حال عمل فيه الظرف ، أو وله الجزاء دائما يعني الثواب والعقاب (أَفَغَيْرَ اللهِ تَتَّقُونَ).
٥٣ ـ (وَما بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ) وأي شيء اتصل بكم من نعمة ، عافية ، وغنى ، وخصب (فَمِنَ اللهِ) فهو من الله (ثُمَّ إِذا مَسَّكُمُ
الضُّرُّ) المرض ، والفقر ، والجدب (فَإِلَيْهِ
تَجْئَرُونَ) فما تتضرعون إلّا إليه ، والجؤار رفع الصوت بالدعاء
والاستغاثة.
٥٤ ـ (ثُمَّ إِذا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ
إِذا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ) الخطاب في وما بكم من نعمة إن كان عاما فالمراد بالفريق
الكفرة ، وإن كان الخطاب للمشركين فقوله منكم للبيان لا للتبعيض ، كأنه قال فإذا
فريق كافر وهم أنتم ، ويجوز أن يكون فيهم من اعتبر كقوله : (فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ
فَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ) .
__________________