(لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ (٨٨) وَقُلْ إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) (٨٩)
التسمية بينهما ، وقيل سورة يونس ، أو أسباع القرآن (مِنَ الْمَثانِي) هي من التثنية ، وهي التكرير ، لأن الفاتحة مما يتكرر في الصلاة ، أو من الثناء لاشتمالها على ما هو ثناء على الله ، والواحدة مثنّاة أو مثنّية صفة للآية ، وأما السور أو الأسباع فلما وقع فيها من تكرير القصص والمواعظ والوعد والوعيد ، ولما فيها من الثناء كأنها تثني على الله ، وإذا جعلت السبع مثاني فمن للتبيين ، وإذا جعلت القرآن مثاني فمن للتبعيض (وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ) هذا ليس بعطف الشيء على نفسه ، لأنه إذا أريد بالسبع الفاتحة أو الطوال فما وراءهنّ ينطلق عليه اسم القرآن لأنه اسم يقع على البعض كما يقع على الكلّ دليله قوله : (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) (١) يعني سورة يوسف ، وإذا أريد به الأسباع فالمعنى ولقد آتيناك ما يقال له السبع المثاني والقرآن العظيم ، أي الجامع لهذين النعتين ، وهو التثنية ، أو الثناء والعظم ، ثم قال لرسوله :
٨٨ ـ (لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) أي لا تطمح ببصرك طموح راغب فيه متمن له (إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ) أصنافا من الكفار كاليهود والنصارى والمجوس ، يعني قد أوتيت النعمة العظمى التي كلّ نعمة وإن عظمت فهي إليها حقيرة وهي القرآن العظيم ، فعليك أن تستغني به ولا تمدّن عينيك إلى متاع الدنيا ، وفي الحديث : (ليس منا من لم يتغنّ بالقرآن) (٢) وحديث أبي بكر : (من أوتي القرآن فرأى أنّ أحدا أوتي من الدنيا أفضل مما أوتي فقد صغّر عظيما وعظّم صغيرا) (٣) (وَلا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ) أي لا تتمنّ أموالهم ولا تحزن عليهم أنهم لم يؤمنوا فيتقوى بمكانهم الإسلام والمسلمون (وَاخْفِضْجَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ) وتواضع لمن معك من فقراء المؤمنين وطب نفسا عن إيمان الأغنياء.
٨٩ ـ (وَقُلْ) لهم (إِنِّي أَنَا النَّذِيرُ الْمُبِينُ) أنذركم ببيان وبرهان أنّ عذاب الله نازل بكم.
__________________
(١) يوسف ، ١٢ / ٣.
(٢) البخاري عن أبي هريرة والبيهقي في السنن ـ كتاب الشهادات.
(٣) قال ابن حجر : لم أجده عن أبي بكر أخرجه ابن عدي في ترجمة حمزة النصيبي عن ابن مسعود رفعه ، وأخرجه إسحاق والطبري من حديث عبد الله بن عمر ، وفي كنز العمال ١ / ٢٣١٧ جميعهم بألفاظ متقاربة.