(وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَناتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ (١٠٠) بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (١٠١)
بالرفع (١) الأعشى ، أي وثمّ جنات من أعناب أي مع النخل (مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشابِهٍ) يقال اشتبه الشيئان وتشابها نحو استويا وتساويا والافتعال والتفاعل يشتركان كثيرا ، وتقديره والزيتون متشابها وغير متشابه والرمان كذلك ، يعني بعضه متشابه وبعضه غير متشابه في القدر واللون والطعم (انْظُرُوا إِلى ثَمَرِهِ إِذا أَثْمَرَ) إذا أخرج ثمره كيف يخرجه ضعيفا لا ينتفع به (وَيَنْعِهِ) ونضجه ، أي انظروا إلى حال نضجه كيف يعود شيئا جامعا لمنافع ، نظر اعتبار واستدلال على قدرة مقدّره ومدبّره وناقله من حال إلى حال (إِنَّ فِي ذلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) ثمره وكذا ما بعده (٢) حمزة وعليّ جمع ثمار فهو جمع الجمع ، يقال ثمرة وثمر وثمار وثمر.
١٠٠ ـ (وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ الْجِنَ) إن جعلت لله شركاء مفعولي جعلوا كان الجنّ بدلا من شركاء وإلا كان شركاء الجنّ مفعولين قدّم ثانيهما على الأوّل ، وفائدة التقديم استعظام أن يتّخذ لله شريك من كان ملكا أو جنيا أو غير ذلك ، والمعنى أنهم أطاعوا الجنّ فيما سوّلت لهم من شركهم فجعلوهم شركاء لله (وَخَلَقَهُمْ) أي وقد خلق الجنّ فكيف يكون المخلوق شريكا لخالقه ، والجملة حال ، أو وخلق الجاعلين لله شركاء فكيف يعبدون غيره (وَخَرَقُوا لَهُ) أي اختلقوا يقال خلق الإفك وخرقه واختلقه واخترقه بمعنى ، أو هو من خرق الثوب إذا شقّه ، أي اشتقوا له (بَنِينَ) كقول أهل الكتابين في المسيح وعزير (وَبَناتٍ) كقول بعض العرب في الملائكة. وخرّقوا بالتشديد للتكثير مدني لقوله بنين وبنات (بِغَيْرِ عِلْمٍ) من غير أن يعلموا حقيقة ما قالوا من خطأ أو صواب ولكن رميا بقول عن جهالة ، وهو حال من فاعل خرقوا أي جاهلين بما قالوا (سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يَصِفُونَ) من الشريك والولد.
١٠١ ـ (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) يقال بدع الشيء فهو بديع ، وهو من إضافة الصفة المشّبهة إلى فاعلها ، يعني بديع سمواته وأرضه ، أو هو بمعنى المبدع أي مبدعها ، وهو خبر مبتدأ محذوف ، أو مبتدأ وخبره (أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ) أو هو فاعل
__________________
(١) ليس في (أ) و (ظ) بالرفع والصواب ذكرها ليستقيم بيان الاختلاف في القراءة.
(٢) ما بعده ثمره في الآية رقم ١٤١ من هذه السورة.