يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (٣٩) وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَعَلَيْنَا الْحِسابُ (٤٠) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (٤١)
(كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ) أي ليس في وسعه (١) إتيان الآيات على ما يقترحه قومه ، وإنما ذلك إلى الله (لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) لكلّ وقت حكم يكتب على العباد ، أي يفرض عليهم على ما تقتضيه حكمته.
٣٩ ـ (يَمْحُوا اللهُ ما يَشاءُ) ينسخ ما يشاء نسخه (وَيُثْبِتُ) بدله ، ما يشاء ، أو يتركه غير منسوخ ، أو يمحو من ديوان الحفظة ما يشاء ويثبت غيره ، أو يمحو كفر التائبين ويثبت إيمانهم ، أو يميت من حان أجله وعكسه ، ويثبّت مدني وشامي وحمزة وعليّ (وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ) أي أصل كلّ كتاب وهو اللوح المحفوظ لأنّ كلّ كائن مكتوب فيه.
٤٠ ـ (وَإِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ) وكيفما دارت الحال أريناك مصارعهم وما وعدناهم من إنزال العذاب عليهم ، أو توفيناك قبل ذلك (فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ) فما يجب عليك إلّا تبليغ الرسالة فحسب (وَعَلَيْنَا الْحِسابُ) وعلينا حسابهم وجزاؤهم على أعمالهم لا عليك فلا يهمنّك إعراضهم ولا تستعجل بعذابهم.
٤١ ـ (أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ) أرض الكفرة (نَنْقُصُها مِنْ أَطْرافِها) بما نفتح على المسلمين من بلادهم فننقص دار الحرب ونزيد في دار الإسلام وذلك من آيات النصرة والغلبة ، والمعنى عليك البلاغ الذي حملته ولا تهتم بما وراء ذلك ، فنحن نكفيكه ونتمّ ما وعدناك من النّصرة والظفر (وَاللهُ يَحْكُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُكْمِهِ) لا رادّ لحكمه ، والمعقب الذي يكرّ على الشيء فيبطله ، وحقيقته الذي يعقبه ، أي يقفيه ، أي بالردّ والإبطال ، ومنه قيل لصاحب الحق معقب لأنه يقفي غريمه بالاقتضاء والطلب ، والمعنى أنه حكم للإسلام بالغلبة والإقبال وعلى الكفر بالإدبار والانتكاس ، ومحلّ لا معقب لحكمه النصب على الحال ، كأنه قيل والله يحكم نافذا حكمه ، كما تقول جاءني زيد لا عمامة على رأسه ولا قلنسوة له تريد حاسرا (وَهُوَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فعما قليل يحاسبهم في الآخرة بعد عذاب الدنيا.
__________________
(١) من هنا إلى الآية رقم ٣٥ من سورة الحجر نقص في (أ) مع أن أرقام الصفحات مسلسلة ، فاكتفي بالمقابلة بين (ظ) و (ز).