(وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ (٣٧) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً وَما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ) (٣٨)
٣٦ ـ (وَالَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يريد من أسلم من اليهود كابن سلام ونحوه ، ومن النصارى بأرض الحبشة (يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزابِ) أي ومن أحزابهم وهم كفرتهم الذين تحزّبوا على رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالعداوة ككعب بن الأشرف وأصحابه والسيد والعاقب وأشياعهما (مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ) لأنهم كانوا لا ينكرون الأقاصيص وبعض الأحكام والمعاني مما هو ثابت في كتبهم ، وكانوا ينكرون نبوة محمد عليه الصلاة والسلام وغير ذلك مما حرّفوه وبدّلوه من الشرائع (قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللهَ وَلا أُشْرِكَ بِهِ) هو جواب للمنكرين ، أي قل إنما أمرت فيما أنزل إليّ بأن أعبد الله ولا أشرك به ، فإنكاركم له إنكار لعبادة الله وتوحيده ، فانظروا ماذا تنكرون مع إدعائكم وجوب عبادة الله وأن لا يشرك به (إِلَيْهِ أَدْعُوا) خصوصا لا أدعو إلى غيره (وَإِلَيْهِ) لا إلى غيره (مَآبِ) مرجعي وأنتم تقولون مثل ذلك ، فلا معنى لإنكاركم.
٣٧ ـ (وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ) ومثل ذلك الإنزال أنزلناه مأمورا فيه بعبادة الله وتوحيده والدعوة إليه وإلى دينه والإنذار بدار الجزاء (حُكْماً عَرَبِيًّا) حكمة عربية مترجمة بلسان العرب ، وانتصابه على الحال ، كانوا يدعون رسول الله صلىاللهعليهوسلم إلى أمور يشاركهم فيها ، فقيل (وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ) أي بعد ثبوت العلم بالحجج القاطعة والبراهين الساطعة (ما لَكَ مِنَ اللهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا واقٍ) أي لا ينصرك ناصر ولا يقيك منه واق ، وهذا من باب التهييج والبعث للسامعين على الثبات في الدين ، وأن لا يزلّ زالّ عند الشبهة بعد استمساكه بالحجّة وإلا فكان رسول الله صلىاللهعليهوسلم من شدة الثبات بمكان.
وكانوا يعيبونه بالزواج والولاد ويقترحون عليه الآيات وينكرون النّسخ ، فنزل :
٣٨ ـ (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً) نساءا وأولادا (وَما