(وَلَقَدْ جِئْتُمُونا فُرادى كَما خَلَقْناكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ وَراءَ ظُهُورِكُمْ وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنْكُمْ ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٩٤) إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ) (٩٥)
والمتنبئة فتكون اللام للعهد ، ويجوز أن تكون للجنس فيدخل فيه (١) هؤلاء لاشتماله (فِي غَمَراتِ الْمَوْتِ) شدائده وسكراته (وَالْمَلائِكَةُ باسِطُوا أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أَنْفُسَكُمُ) أي يبسطون إليهم أيديهم يقولون هاتوا أرواحكم أخرجوها إلينا من أجسادكم ، وهذه عبارة عن التشديد في الإزهاق من غير تنفيس وإمهال (الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذابَ الْهُونِ) أرادوا وقت الإماتة وما يعذّبون به من شدة النّزع. والهون : الهوان الشديد ، وإضافة العذاب إليه كقولك رجل سوء يريد العراقة في الهوان والتمكن فيه (٢) (بِما كُنْتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللهِ غَيْرَ الْحَقِ) من أنّ له شريكا وصاحبة وولدا ، وغير الحق مفعول تقولون ، أو وصف لمصدر محذوف أي قولا غير الحقّ (وَكُنْتُمْ عَنْ آياتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ) فلا تؤمنون بها.
٩٤ ـ (وَلَقَدْ جِئْتُمُونا) للحساب والجزاء (فُرادى) منفردين بلا مال ولا معين ، وهو جمع فريد كأسير وأسارى (كَما خَلَقْناكُمْ) في محل النصب صفة لمصدر جئتمونا أي مجيئا مثل خلقنا لكم (٣) (أَوَّلَ مَرَّةٍ) على الهيئات التي ولدتم عليها في الانفراد (وَتَرَكْتُمْ ما خَوَّلْناكُمْ) ملّكناكم (وَراءَ ظُهُورِكُمْ) ولم تحتملوا منه نقيرا (وَما نَرى مَعَكُمْ شُفَعاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكاءُ) في استعبادكم (لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ) بينكم (٤) وصلكم عن الزجاج والبين : الوصل والهجر ، قال (٥) :
فو الله لو لا البين لم يكن الهوى |
|
ولو لا الهوى ما حنّ للبين آلف |
بينكم مدني وعلي وحفص أي وقع التقطّع بينكم (وَضَلَّ عَنْكُمْ) وضاع وبطل (ما كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أنها شفعاؤكم عند الله.
٩٥ ـ (إِنَّ اللهَ فالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوى) بالنبات والشجر أي فلق الحبّ عن السنبلة والنواة عن النخلة ، والفلق : الشّقّ ، وعن مجاهد أراد الشقين اللذين في النواة والحنطة
__________________
(١) ليست في (ز).
(٢) في (ز) والتمن.
(٣) في (ز) مثل ما خلقناكم.
(٤) ليس في (أ) و (ظ) بينكم ، وهي في (ز) لضرورة تبيان اختلاف حركات القراءة.
(٥) لم أصل إليه.