(وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ (١٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ قُلْ أَفَاتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِهِ أَوْلِياءَ لا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ نَفْعاً وَلا ضَرًّا قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الْأَعْمى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُماتُ وَالنُّورُ أَمْ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ خَلَقُوا كَخَلْقِهِ فَتَشابَهَ الْخَلْقُ عَلَيْهِمْ قُلِ اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ) (١٦)
دعوة حقّ ، وعلى الأول وعيد للكفرة على مجادلتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم لحلول (١) محاله بهم وإجابة دعوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم فيهم إن دعا عليهم (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ) (٢) من دون الله (لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ) من طلباتهم (إِلَّا كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ) الاستثناء من المصدر ، أي من الاستجابة التي دلّ عليها لا يستجيبون ، لأنّ الفعل بحروفه يدلّ على المصدر ، وبصيغته على الزمان ، وبالضرورة على المكان والحال ، فجاز استثناء كلّ منها من الفعل ، فصار التقدير لا يستجيبون استجابة إلّا استجابة كاستجابة باسط كفّيه إلى الماء ، أي كاستجابة الماء لمن بسط كفّيه إليه يطلب منه أن يبلغ فاه ، والماء جماد لا يشعر ببسط كفّيه ، ولا بعطشه وحاجته إليه ، ولا يقدر أن يجيب دعاءه ويبلغ فاه ، وكذلك ما يدعونه جماد لا يحسّ بدعائهم ولا يستطيع إجابتهم ولا يقدر على نفعهم. واللام في ليبلغ متعلق بباسط كفّيه (وَما هُوَ بِبالِغِهِ) وما الماء يبلغ (٣) فاه (وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ) في ضياع لا منفعة فيه ، لأنهم إن دعوا الله لم يجبهم وإن دعوا الأصنام لم تستطع إجابتهم.
١٥ ـ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) سجود تعبّد وانقياد (طَوْعاً) حال ، يعني الملائكة والمؤمنين (وَكَرْهاً) يعني المنافقين والكافرين في حال الشدة والضيق (وَظِلالُهُمْ) معطوف على من جمع ظلّ (بِالْغُدُوِّ) جمع غداة كقنيّ وقناة (وَالْآصالِ) جمع أصل جمع أصيل ، قيل ظلّ كلّ شيء يسجد لله بالغدوّ والآصال ، فظلّ (٤) الكافر يسجد كرها وهو كاره ، وظلّ المؤمن يسجد طوعا وهو طائع.
١٦ ـ (قُلْ مَنْ رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ) حكاية لاعترافهم لأنه إذا قال لهم من ربّ السماوات والأرض لم يكن لهم بدّ من أن يقولوا : الله ، دليله قراءة ابن مسعود وأبيّ قالوا الله ، أو هو تلقين أي فإن لم يجيبوا فلقّنهم فإنه لا جواب إلّا هذا (قُلْ
__________________
(١) في (ظ) و (ز) بحلول.
(٢) في (ظ) : (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ) والالهة التي يدعونهم الكفار (مِنْ دُونِهِ) وفي (ز) والالهة الذين يدعوهم الكفار.
(٣) في (ظ) و (ز) ببالغ.
(٤) في (ظ) و (ز) وظل. تفسير النسفي ج ٢ / م ٢٣