(لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلاَّ كَباسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْماءِ لِيَبْلُغَ فاهُ وَما هُوَ بِبالِغِهِ وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) (١٤)
وإعادة الخلائق بقولهم : (مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (١) ويردّون الوحدانية باتخاذ الشركاء ويجعلونه بعض الأجسام بقولهم الملائكة بنات الله. أو الواو للحال أي فيصيب بها من يشاء في حال جدالهم ، وذلك أنّ أربد أخا لبيد بن ربيعة العامري (٢) قال لرسول الله صلىاللهعليهوسلم حين وفد عليه مع عامر بن الطفيل (٣) قاصدين لقتله فرمى الله عامرا بغدة كغدة البعير وموت في بيت سلولية ، وأرسل على أربد صاعقة فقتله : أخبرني عن ربّنا أمن نحاس هو أم من حديد (٤) (وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحالِ) أي المماحلة وهي شدة المماكرة والمكايدة ، ومنه تمحّل لكذا إذا تكلّف استعمال (٥) الحيلة واجتهد فيه ، ومحل بفلان إذا كاده وسعى به إلى السلطان ، والمعنى أنه شديد المكر والكيد لأعدائه يأتيهم بالهلكة من حيث لا يحتسبون.
١٤ ـ (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِ) أضيفت الدعوة (٦) إلى الحقّ الذي هو ضدّ الباطل للدلالة على أنّ الدعوة ملابسة للحقّ وأنها بمعزل من الباطل ، والمعنى أنّ الله سبحانه يدعى فيستجيب الدعوة ويعطي الداعي سؤله ، فكانت دعوة ملابسة للحقّ ، لكونه حقيقا بأنه يوجّه إليه الدعاء لما في دعوته من الجدوى والنفع بخلاف ما لا ينفع ولا يجدي دعاؤه ، واتصال شديد المحال وله دعوة الحقّ بما قبله على قصة أربد ظاهر لأنّ إصابته بالصاعقة محال من الله ومكر به من حيث لم يشعر ، وقد دعا رسول الله صلىاللهعليهوسلم عليه وعلى صاحبه بقوله : (اللهم اخسفهما بما شئت) (٧) فأجيب فيهما ، فكانت الدعوة
__________________
(١) يس ، ٣٦ / ٧٨.
(٢) لبيد بن ربيعة بن مالك ، أبو عقيل العامري ، من أهل عالية نجد ، أدرك الإسلام ، ويعد من الصحابة ومن المؤلفة قلوبهم ، سكن الكوفة وعاش طويلا ، وهو أحد أصحاب المعلقات ترك الشعر فلم يقل في الإسلام إلا بيتا واحدا مات عام ٤١ ه (الأعلام ٥ / ٢٤٠).
(٣) عامر بن الطفيل بن مالك بن جعفر العامري ، من بني عامر بن صعصعة ، فارس قومه في الجاهلية وهو ابن عم لبيد ولد عام ٧٠ ق. ه ومات عام ١١ ه كافرا (الأعلام ٣ / ٢٥٢).
(٤) أخرجه الثعلبي عن أبي صالح عن ابن عباس ، والطبراني وابن مردويه عن عطاء عن ابن عباس والنسائي والطبري والعقيلي وأبو يعلى عن ثابت عن أنس ورواه البزار والبيهقي في الدلائل عن ابن غزوان عن ثابت نحوه.
(٥) في (ظ) لاستعمال الحيلة ، وفي (ز) لاستعماله.
(٦) ليست في (ز).
(٧) ذكره الواحدي في الأسباب عن ابن عباس.