(إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) (٤)
يأتي بالقصة على حقيقتها عن الزّجّاج ، وقيل القصص يكون مصدرا بمعنى الاقتصاص تقول : قصّ الحديث يقصّه قصصا ، ويكون فعلا بمعنى مفعول كالنّفض (١) والحسب ، فعلى الأول معناه نحن نقصّ عليك أحسن الاقتصاص (بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) أي بإيحائنا إليك هذه السورة على أن يكون أحسن منصوبا نصب المصدر لإضافته إليه ، والمقصوص محذوف لأن بما أوحينا إليك هذا القرآن مغن عنه ، والمراد بأحسن الاقتصاص أنه اقتصّ على أبدع طريقة وأعجب أسلوب ، فإنك لا ترى اقتصاصه في كتب الأولين مقاربا لاقتصاصه في القرآن ، وإن أريد بالقصص المقصوص فمعناه نحن نقصّ عليك أحسن ما يقصّ من الأحاديث ، وإنما كان أحسن لما يتضمن من العبر والحكم والعجائب التي ليست في غيرها (٢) ، والظاهر أنه أحسن ما يقتصّ في بابه كما يقال فلان أعلم الناس أي في فنه ، واشتقاق القصص من قصّ أثره إذا اتّبعه (٣) لأنّ الذي يقصّ الحديث يتّبع ما حفظ منه شيئا فشيئا (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ) الضمير يرجع إلى ما أوحينا (لَمِنَ الْغافِلِينَ) عنه ، إن مخففة من الثقيلة واللام فارقة بينها وبين النافية ، يعني وإنّ الشأن والحديث كنت من قبل إيحائنا إليك من الجاهلين به.
٤ ـ (إِذْ قالَ) بدل اشتمال من أحسن القصص ، لأنّ الوقت مشتمل على القصص ، أو التقدير اذكر إذ (٤) (يُوسُفُ) اسم عبراني لا عربي إذ لو كان عربيا لانصرف لخلوّه عن سبب آخر سوى التعريف (لِأَبِيهِ) يعقوب (يا أَبَتِ) أبت شامي ، وهي تاء تأنيث عوّضت عن ياء الإضافة لتناسبهما في أنّ (٥) كلّ واحدة منهما زائدة في آخر الاسم ، ولهذا قلبت هاء في الوقف ، وجاز إلحاق تاء التأنيث بالمذكر كما في رجل ربعة ، وكسرت التاء لتدلّ على الياء المحذوفة ، ومن فتح التاء فقد حذف الألف من يا أبتا واستبقى الفتحة قبلها ، كما فعل من حذف الياء في يا غلام (إِنِّي رَأَيْتُ) من الرؤيا لا من الرؤية (أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً) أسماؤها ببيان النبي عليهالسلام جريان والطارق والذّيّال (٦) وقابس وعمودان والفليق والمصبح والصّروح والفرغ ووثاب وذو الكتفين (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ) هما أبواه ، أو أبوه وخالته والكواكب إخوته ، قيل الواو
__________________
(١) النّفض : حب العنب حين يوجد بعضه في بعض (القاموس ٢ / ٣٤٦).
(٢) في (ز) غيره.
(٣) في (ز) تبعه.
(٤) في (ظ) اذكر و ، وفي (ز) اذكر إذ قال.
(٥) في (ز) لأن.
(٦) في (ز) والذيال والطارق ، والحديث رواه الحاكم من حديث جابر.