(إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) (١٢٣)
رافع للابتداء فلا يجوز (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ) في الكفر والإيمان أي ولكن شاء أن يكونوا مختلفين لما علم منهم اختيار ذلك.
١١٩ ـ (إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ) إلّا ناسا عصمهم الله عن الاختلاف فاتفقوا على دين الحقّ غير مختلفين فيه (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ) أي ولما هم عليه من الاختلاف ، فعندنا خلقهم للذي علم أنهم يصيرون (١) إليه من اختلاف أو اتفاق ، ولم يخلقهم لغير الذي علم أنهم يصيرون إليه ، كذا في شرح التأويلات (وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) وهي قوله للملائكة (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لعلمه بكثرة من يختار الباطل.
١٢٠ ـ (وَكُلًّا) التنوين فيه عوض من المضاف إليه ، كأنه قيل وكلّ نبأ ، وهو منصوب بقوله (نَقُصُّ عَلَيْكَ) وقوله (مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ) بيان لكلّ ، وقوله (ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) بدل من كلّا (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُ) أي في هذه السورة ، أو في هذه الأنباء المقتصة ما هو حقّ (وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) ومعنى تثبيت فؤاده زيادة يقينه لأنّ تكاثر الأدلة أثبت للقلب.
١٢١ ـ (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ) من أهل مكة وغيرهم (اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) على حالكم وجهتكم التي أنتم عليها (إِنَّا عامِلُونَ) على مكانتنا.
١٢٢ ـ (وَانْتَظِرُوا) بنا الدوائر (إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) أن ينزل بكم نحو ما اقتصّ الله تعالى من النّقم النازلة بأشباهكم.
١٢٣ ـ (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا تخفى عليه خافية مما يجرى فيهما ، فلا تخفى عليه أعمالكم (وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) (٢) فلا بد أن يرجع إليه أمرهم وأمرك فينتقم لك منهم. يرجع نافع وحفص (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ) فإنه كافيك
__________________
(١) في (ز) سيصيرون إليه ـ في المرتين.
(٢) في مصحف النسفي يرجع بفتح الياء وهي قراءة.