(هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً وَقَدَّرَهُ مَنازِلَ لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسابَ ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ يُفَصِّلُ الْآياتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٥) إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) (٦)
للقائه ، والمرجع الرجوع أو مكان الرجوع (وَعْدَ اللهِ) مصدر مؤكد لقوله إليه مرجعكم (حَقًّا) مصدر مؤكد لقوله وعد الله (إِنَّهُ يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ) استئناف ، معناه التعليل لوجوب المرجع إليه (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) أي الحكمة بإبتداء (١) الخلق وإعادته هو جزاء المكلّفين على أعمالهم (بِالْقِسْطِ) بالعدل ، وهو متعلق بيجزي ، أي ليجزيهم بقسطه ويوفيهم أجورهم ، أو بقسطهم أي بما أقسطوا وعدلوا ولم يظلموا حين آمنوا إذ الشرك ظلم (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) (٢) وهذا أوجه لمقابلة قوله (وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) ولوجه كلاميّ.
٥ ـ (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً) الياء فيه منقلبة عن واو ضواء لكسرة (٣) ما قبلها ، وقلبها قنبل (٤) همزة لأنها للحركة أجمل (وَالْقَمَرَ نُوراً) والضياء أقوى من النور فلذا جعله للشمس (وَقَدَّرَهُ) وقدّر القمر ، أي وقدّر مسيره (مَنازِلَ) أو وقدّره ذا منازل كقوله (وَالْقَمَرَ قَدَّرْناهُ مَنازِلَ) (٥) (لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ) أي عدد السنين والشهور فاكتفى بالسنين لاشتمالها على الشهور (وَالْحِسابَ) وحساب الآجال والمواقيت المقدّرة بالسنين والشهور (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ) المذكور (إِلَّا) ملتبسا (بِالْحَقِ) الذي هو الحكمة البالغة ، ولم يخلقه عبثا (يُفَصِّلُ الْآياتِ) مكي وبصري وحفص ، وبالنون غيرهم (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) فينتفعون بالتأمل فيها.
٦ ـ (إِنَّ فِي اخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ) في مجيء كلّ واحد منهما خلف الآخر ، أو في اختلاف لونيهما (وَما خَلَقَ اللهُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) من الخلائق (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَّقُونَ) خصّهم بالذكر لأنهم يحذرون الآخرة فيدعوهم الحذر إلى النظر.
__________________
(١) في (ز) بإبداء.
(٢) لقمان ، ٣١ / ١٣.
(٣) في (ز) لكثرة.
(٤) قنبل : هو محمد بن عبد الرحمن بن محمد المكي المخزومي بالولاء ، أبو عمر الشهير بقنبل ، انتهت إليه مشيخة الإقراء بالحجاز في عصره ولد عام ١٩٥ ه وتوفي عام ٢٩١ ه (الأعلام ٦ / ١٩٠).
(٥) يس ، ٣٦ / ٣٩.