(ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ (١١٣) وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ) (١١٤)
على نعمة الإسلام (السَّائِحُونَ) الصائمون لقوله عليهالسلام : (سياحة أمتي الصيام) (١) أو طلبة العلم لأنهم يسيحون في الأرض يطلبونه في مظانّه ، أو السائرون في الأرض للاعتبار (الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ) المحافظون على الصلوات (الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) بالإيمان (٢) والطاعة (وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ) عن الشرك والمعاصي ، ودخلت الواو للإشعار بأنّ السبعة عقد تام ، أو لتضاد (٣) بين الأمر والنهي ، كما في قوله : (ثَيِّباتٍ وَأَبْكاراً) (٤) (وَالْحافِظُونَ لِحُدُودِ اللهِ) أوامره ونواهيه ، أو معالم الشرع (وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ) المتّصفين بهذه الصفات.
وهمّ عليهالسلام أن يستغفر لأبي طالب فنزل :
١١٣ ـ (ما كانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كانُوا أُولِي قُرْبى) أي ما صحّ له الاستغفار في حكم الله وحكمته (مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحابُ الْجَحِيمِ) من بعد ما ظهر لهم أنهم ماتوا على الشرك ، ثم ذكر عذر إبراهيم فقال :
١١٤ ـ (وَما كانَ اسْتِغْفارُ إِبْراهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَها إِيَّاهُ) أي وعد أبوه إياه أن يسلم ، أو وعد هو (٥) أباه أن يستغفر وهو قوله (لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ) (٦) دليله قراءة الحسن وعدها أباه ، ومعنى استغفاره سؤاله المغفرة له بعد ما أسلم ، أو سؤاله إعطاء الإسلام الذي به يغفر له (فَلَمَّا تَبَيَّنَ) من جهة الوحي (لَهُ) لإبراهيم (أَنَّهُ) أنّ أباه (عَدُوٌّ لِلَّهِ) بأن يموت كافرا وانقطع رجاؤه عنه (تَبَرَّأَ مِنْهُ) وقطع استغفاره (إِنَّ إِبْراهِيمَ لَأَوَّاهٌ) هو المتأوه شفقا وفرقا ، ومعناه أنه لفرط ترحّمه ورقته كان يتعطّف على أبيه الكافر (حَلِيمٌ) هو الصبور على البلاء الصفوح عن الأذى ، لأنه كان يستغفر لأبيه وهو يقول : (لَأَرْجُمَنَّكَ) (٧).
__________________
(١) الطبري عن عائشة موقوف بلفظ سياحة هذه الأمة الصيام.
(٢) زاد في (ز) والمعرفة.
(٣) في (ز) للتضاد.
(٤) التحريم ، ٦٦ / ٥.
(٥) في (ز) أو هو وعد أباه.
(٦) الممتحنة ، ٦٠ / ٤.
(٧) مريم ، ١٩ / ٤٦.