(أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (١٠٩) لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ إِلاَّ أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١١٠)
ومعنى محبتهم للتّطهّر أنهم يؤثرونه ويحرصون عليه حرص المحبّ للشيء ، ومعنى محبة الله إياهم أنه يرضى عنهم ويحسن إليهم كما يفعل المحبّ بمحبوبه.
١٠٩ ـ (أَفَمَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ) وضع أساس ما يبنيه (عَلى تَقْوى مِنَ اللهِ وَرِضْوانٍ خَيْرٌ أَمْ مَنْ أَسَّسَ بُنْيانَهُ عَلى شَفا جُرُفٍ هارٍ) هذا سؤال تقرير وجوابه مسكوت عنه لوضوحه ، والمعنى أفمن أسّس بنيان دينه على قاعدة محكمة وهي (١) تقوى الله ورضوانه خير أم من أسّسه على قاعدة هي (٢) أضعف القواعد وهو الباطل والنفاق الذي مثله مثل شفا جرف هار في قلّة الثبات والاستمساك ، وضع شفا الجرف في مقابلة التقوى لأنه جعل مجازا عما ينافي التقوى ، والشفا : الحرف والشفير ، وجرف الوادي : جانبه الذي يتحفّر أصله بالماء وتجرفه السيول فيبقى واهيا ، والهار : الهائر وهو المتصدع الذي أشفى على التهدّم والسقوط ، ووزنه فعل قصر عن فاعل كخلف من خالف وألفه ليس بألف فاعل إنما هي عينه ، وأصله هور فقلبت ألفا لتحرّكها وانفتاح ما قبلها ، ولا ترى أبلغ من هذا الكلام ولا أدلّ على حقيقة الباطل وكنه أمره. أفمن أسس بنيانه ؛ أمّن أسس شامي ونافع ، جرف شامي وحمزة ويحيى ، هاريا لأمالة أبو عمرو وحمزة في رواية ويحيى (فَانْهارَ بِهِ فِي نارِ جَهَنَّمَ) فطاح به الباطل في نار جهنم ، ولما جعل الجرف الهائر مجازا عن الباطل رشّح المجاز فجيء بلفظ الانهيار الذي هو للجرف وليصور أنّ المبطل كأنه أسّس بنيانه على شفا جرف هار من أودية جهنم ، فانهار به ذلك الجرف فهوى في قعرها ، قال جابر : رأيت الدخان يخرج من مسجد الضّرار حين انهار (٣) (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) لا يوفقهم للخير عقوبة لهم على نفاقهم.
١١٠ ـ (لا يَزالُ بُنْيانُهُمُ الَّذِي بَنَوْا رِيبَةً فِي قُلُوبِهِمْ) لا يزال هدمه سبب شكّ ونفاق زائد على شكّهم ونفاقهم لما غاظهم من ذلك وعظم عليهم (إِلَّا أَنْ تَقَطَّعَ قُلُوبُهُمْ) شامي وحمزة وحفص أي تتقطع. غيرهم تقطع أي إلّا أن تقطّع قلوبهم
__________________
(١ و ٢) في (أ) هو.
(٣) رواه الطبري.