(أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٠٤) وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٠٥) وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) (١٠٦)
يسكنون إليه وتطمئن قلوبهم بأنّ الله قد تاب عليهم (وَاللهُ سَمِيعٌ) لدعائك ، أو يسمع اعترافهم (١) بذنوبهم ودعائهم (عَلِيمٌ) بما في ضمائرهم من الندم والغمّ لما فرط منهم.
١٠٤ ـ (أَلَمْ يَعْلَمُوا) المراد المتوب عليهم ، أي ألم يعلموا قبل أن يتاب عليهم وتقبل صدقاتهم (أَنَّ اللهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبادِهِ) إذا صحّت (وَيَأْخُذُ الصَّدَقاتِ) ويقبلها إذا صدرت على خلوص النية ، وهو للتخصيص ، أي إنّ ذلك ليس إلى رسول الله صلىاللهعليهوسلم إنما الله هو الذي يقبل التوبة ويردّها فاقصدوه بها ووجهوها إليه (وَأَنَّ اللهَ هُوَ التَّوَّابُ) كثير قبول التوبة (الرَّحِيمُ) يعفو الحوبة.
١٠٥ ـ (وَقُلِ) لهؤلاء التائبين (اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ) أي فإنّ عملكم لا يخفى خيرا كان أو شرا على الله وعباده كما رأيتم وتبيّن لكم ، أو غير التائبين ترغيبا لهم في التوبة ، فقد روي أنه لما تيب عليهم قال الذين لم يتوبوا : هؤلاء الذين تابوا كانوا بالأمس معنا لا يكلّمون ولا يجالسون فما لهم؟ فنزلت ، وقوله تعالى فسيرى الله ، وعيد لهم وتحذير من عاقبة الإصرار والذهول عن التوبة (وَسَتُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ) ما يغيب عن الناس (وَالشَّهادَةِ) ما يشاهدونه (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) تنبئة تذكير ومجازاة عليه.
١٠٦ ـ (وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللهِ) بغير همز مدني وكوفي غير أبي بكر ، مرجئون غيرهم من أجريته وأرجأته إذا أخرته ، ومنه المرجئة ، أي وآخرون من المتخلّفين موقوفون إلى أن يظهر أمر الله فيهم (إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ) إن أصروا ولم يتوبوا (وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ) إن تابوا وهم ثلاثة : كعب بن مالك (٢) وهلال بن أمية (٣) ومرارة
__________________
(١) في (ز) أو سميع لاعترافهم.
(٢) كعب بن مالك بن عمرو بن القين الأنصاري السلمي الخزرجي ، صحابي من أكابر الشعراء من أهل المدينة ، وشهد أكثر المواقع توفي عام ٥٠ ه (الأعلام ٥ / ٢٢٨).
(٣) هلال بن أمية بن واقف بن امرئ القيس بن مالك بن الأوس الأنصاري الواقفي ، من أهل بدر وممن شهدها وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم (الأنساب ٥ / ٥٦٧).