(وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِنْ تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ وَبَشِّرِ الَّذِينَ كَفَرُوا بِعَذابٍ أَلِيمٍ) (٣)
ليس بيننا وبينه عهد إلا طعن بالرماح وضرب بالسيوف (١). والأشهر الأربعة شوال وذو القعدة وذو الحجّة والمحرّم ، أو عشرون من ذي الحجّة والمحرّم وصفر وشهر ربيع الأول وعشر من ربيع الآخر وكانت حرما لأنهم أمّنوا فيها فحرم قتلهم وقتالهم ، أو على التغليب لأنّ ذا الحجّة والمحرّم منها ، والجمهور على إباحة القتال في الأشهر الحرم ، وأنّ ذلك قد نسخ (وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي اللهِ) لا تفوتونه وإن أمهلكم (وَأَنَّ اللهَ مُخْزِي الْكافِرِينَ) مذلّهم في الدنيا بالقتل وفي الآخرة بالعذاب.
٣ ـ (وَأَذانٌ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ) ارتفاعه كارتفاع براءة على الوجهين ، ثم الجملة معطوفة على مثلها ، والأذان بمعنى الإيذان وهو الإعلام ، كما أنّ الأمان والعطاء بمعنى الإيمان والإعطاء ، والفرق بين الجملة الأولى والثانية أنّ الأولى إخبار بثبوت البراءة والثانية إخبار بوجوب الإعلام بما ثبت ، وإنما علّقت البراءة بالذين عوهدوا من المشركين وعلّق الأذان بالناس ، لأن البراءة مختصة بالمعاهدين والناكثين منهم ، وأما الأذان فعام لجميع الناس من عاهد ومن لم يعاهد ومن نكث من المعاهدين ومن لم ينكث (يَوْمَ الْحَجِّ الْأَكْبَرِ) يوم عرفة لأنّ الوقوف بعرفة معظم أفعال الحج ، أو يوم النحر لأنّ فيه تمام الحج من الطواف والنحر والحلق والرمي ، ووصف الحجّ بالأكبر لأنّ العمرة تسمّى الحجّ الأصغر (أَنَّ اللهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) أي بأنّ الله حذفت صلة الأذان تخفيفا (وَرَسُولِهِ) عطف على المنوي في بريء ، أو على الابتداء وحذف الخبر ، أي ورسوله بريء ، وقرئ بالنصب عطفا على اسم إنّ ، وبالجرّ على الجوار أو على القسم كقولك لعمرك ، وحكي أنّ أعرابيا سمع رجلا يقرؤها ، فقال : إن كان الله بريئا من رسوله فأنا منه بريء فلبّبه (٢) الرجل إلى عمر ، فحكى الأعرابي قراءته ، فعندها أمر عمر بتعلّم العربية (٣) (فَإِنْ تُبْتُمْ) من الكفر والغدر (فَهُوَ) أي التوبة (خَيْرٌ لَكُمْ) من الإصرار على الكفر (وَإِنْ
__________________
ـ فهذا ذكره الواقدي في المغازي ، وقوله فأمّر أبا بكر على موسم سنة تسع فهو في الصحيح من حديث أبي هريرة بمعناه ، وأما قوله ثم أتبعه عليا فرواه أحمد.
(٢) لببه : لزمه ورافقه.
(٣) ذكره القرطبي في التذكرة عن ابن أبي مليكة.