(إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٤٩) وَلَوْ تَرى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبارَهُمْ وَذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ (٥٠) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ) (٥١)
٤٩ ـ اذكروا (إِذْ يَقُولُ الْمُنافِقُونَ) بالمدينة (وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) هو من صفة المنافقين ، أو أريد الذين هم على حرف ليسوا بثابتي الأقدام في الإسلام (غَرَّ هؤُلاءِ دِينُهُمْ) يعنون أنّ المسلمين اغتروا بدينهم فخرجوا وهم ثلثمائة وبضعة عشر إلى زهاء ألف ، ثم قال جوابا لهم (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) يكل إليه أمره (فَإِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) غالب يسلّط القليل الضعيف على الكثير القوي (حَكِيمٌ) لا يسوّي بين وليّه وعدوّه.
٥٠ ـ (وَلَوْ تَرى) ولو عاينت وشاهدت ، لأنّ لو تردّ المضارع إلى معنى الماضي كما تردّ إن الماضي إلى معنى الاستقبال (إِذْ) نصب على الظرف (يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا) بقبض أرواحهم (الْمَلائِكَةُ) فاعل (يَضْرِبُونَ) حال منهم (وُجُوهَهُمْ) إذا أقبلوا (وَأَدْبارَهُمْ) ظهورهم وأستاههم (١) إذا أدبروا ، أو وجوههم عند الإقدام وأدبارهم عند الانهزام ، وقيل في يتوفى ضمير الله تعالى ، والملائكة مرفوعة بالابتداء ، ويضربون خبر ، والأول الوجه لأنّ الكفار لا يستحقّون أن يكون الله متوفّيهم بلا واسطة ، دليله قراءة ابن عامر تتوفّى بالتاء (وَذُوقُوا) ويقولون لهم ذوقوا معطوف على يضربون (عَذابَ الْحَرِيقِ) أي مقدمة عذاب النار ، أو ذوقوا عذاب الآخرة بشارة لهم به ، أو يقال لهم يوم القيامة ذوقوا ، وجواب لو محذوف أي لرأيت أمرا فظيعا.
٥١ ـ (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) أي كسبت ، وهو ردّ على الجبرية ، وهو من كلام الله تعالى ، أو من كلام الملائكة ، وذلك رفع بالابتداء ، وبما قدمت خبره (وَأَنَّ اللهَ) عطف عليه ، أي ذلك العذاب بسببين ، بسبب كفركم ومعاصيكم ، وبأن الله (لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) لأنّ تعذيب الكفار من العدل ، وقيل ظلّام للتكثير لأجل العبيد ، أو لنفي أنواع الظلم.
__________________
(١) أستاهم : جمع الأست وهو العجز (القاموس ٤ / ٢٨٥).