(وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ خَيْراً لَأَسْمَعَهُمْ وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٤) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) (٢٥)
٢٣ ـ (وَلَوْ عَلِمَ اللهُ فِيهِمْ) في هؤلاء الصمّ البكم (خَيْراً) صدقا ورغبة (لَأَسْمَعَهُمْ) لجعلهم سامعين ، حتى يسمعوا سماع المصدّقين (وَلَوْ أَسْمَعَهُمْ لَتَوَلَّوْا) عنه ، أي ولو أسمعهم وصدّقوا لارتدوا بعد ذلك ولم يستقيموا (وَهُمْ مُعْرِضُونَ) عن الإيمان.
٢٤ ـ (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ) وحّد الضمير أيضا ، كما وحّده فيما قبله لأنّ استجابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم كاستجابته ، والمراد بالاستجابة الطاعة والامتثال وبالدعوة البعث والتحريض (لِما يُحْيِيكُمْ) من علوم الديانات والشرائع ، لأنّ العلم حياة كما أنّ الجهل موت ، قال الشاعر (١) :
لا تعجبنّ الجهول حلّته |
|
فذاك ميّت وثوبه كفن |
أو لمجاهدة الكفار لأنهم لو رفضوها لغلبوهم وقتلوهم ، أو للشهادة لقوله تعالى : (بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ) (٢) (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ) أي يميته فتفوته الفرصة التي هو واجدها وهي التمكّن من إخلاص القلب ، فاغتنموا هذه الفرصة وأخلصوا قلوبكم لطاعة الله ورسوله ، أو بينه وبين ما تمنّاه بقلبه من طول الحياة فيفسخ عزائمه (وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) واعلموا أنكم إليه تحشرون فيثيبكم على حسب سلامة القلوب وإخلاص الطاعة.
٢٥ ـ (وَاتَّقُوا فِتْنَةً) عذابا (لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً) هو جواب للأمر ، أي إن أصابتكم لا تصب الظالمين منكم خاصة ولكنها تعمّكم ، وجاز أن تدخل النون المؤكدة في جواب الأمر لأنّ فيه معنى النهي ، كما إذا قلت إنزل عن الدابة لا تطرحك ، وجاز لا تطرحنّك ، ومن في منكم للتبعيض (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) إذا عاقب.
__________________
(١) لم أصل إلى قائله.
(٢) آل عمران ، ٣ / ١٦٩.