(كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) (٥)
اقتديت به في قوله : (أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى) (١) وعن إبراهيم التيمي (٢) : قل أنا مؤمن حقا فإن صدقت اثبت عليه ، وإن كذبت فكفرك أشدّ من كذبك ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : من لم يكن منافقا فهو مؤمن حقا ، وقد احتج عبد الله (٣) على أحمد (٤) فقال : إيش اسمك؟ فقال أحمد ، فقال أتقول أنا أحمد حقا أو أنا أحمد إن شاء الله؟ فقال أنا أحمد حقا ، فقال : حيث سمّاك والداك لا تستثني وقد سمّاك الله في القرآن مؤمنا تستثني! (لَهُمْ دَرَجاتٌ) مراتب بعضها فوق بعض على قدر الأعمال (عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ) وتجاوز لسيئاتهم (٥) (وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) صاف عن كدّ الاكتساب وخوف الحساب.
٥ ـ الكاف في (كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ) في محلّ النصب على أنه صفة مصدر (٦) الفعل المقدر ، والتقدير قل الأنفال استقرت لله والرسول وثبتت ، مع كراهتهم ، ثباتا مثل ثبات إخراج ربّك إياك من بيتك وهم كارهون (مِنْ بَيْتِكَ) يريد بيته بالمدينة ، أو المدينة نفسها لأنها مهاجره ومسكنه فهي في اختصاصها به كاختصاص البيت بساكنه (٧) (بِالْحَقِ) إخراجا متلبسا بالحكمة والصواب (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ) في موضع الحال ، أي أخرجك في حال كراهتهم ، وذلك أنّ عير قريش أقبلت من الشام فيها تجارة عظيمة ومعها أربعون راكبا منهم أبو سفيان ، فأخبر جبريل النبيّ عليهالسلام ، فأخبر أصحابه ، فأعجبهم تلقي العير لكثرة الخير وقلة القوم ، فلما خرجوا علمت قريش بذلك ، فخرج أبو جهل بجميع أهل مكة ، وهو النفير في المثل السائر : لا في العير ولا في النفير. فقيل له إنّ العير أخذت طريق الساحل ونجت ، فأبى وسار بمن
__________________
(١) البقرة ، ٢ / ٢٦٠.
(٢) إبراهيم التيمي : هو إبراهيم بن يزيد بن شريك بن طارق التيمي من تيم الرباب ، أبو أسماء ، كان عابدا صابرا على الجوع الدائم ، مات في حبس الحجاج سنة ٩٣ ه (الأنساب ١ / ٤٩٩).
(٣) عبد الله : هو عبد الله بن المبارك بن واضح الحنظلي بالولاء ، التميمي ، المروزي ، أبو عبد الرحمن أفنى عمره في الأسفار حاجا ومجاهدا وتاجرا ، وجمع الحديث والفقه والعربية ، وأيام الناس والشجاعة والسخاء ، ولد عام ١١٨ ه ومات عام ١٨١ ه (الأعلام ٤ / ١١٥).
(٤) أحمد : هو أحمد بن محمد بن حنبل ، أبو عبد الله ، الشيباني الوائلي ، أحد الأئمة الأربعة صنف المسند في الحديث وله كتب أخرى في علوم مختلفة اضطهده المأمون ثم المعتصم ولم يصبه شر زمن الواثق وأكرمه المتوكل ولد عام ١٦٤ ه ومات عام ٢٤١ ه (الأعلام ١ / ٢٠٣).
(٥) في (أ) بسيئاتهم.
(٦) في (ز) لمصدر.
(٧) في (ز) لساكنه.