(إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زادَتْهُمْ إِيماناً وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (٢) الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا لَهُمْ دَرَجاتٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَمَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ) (٤)
لرسول الله صلىاللهعليهوسلم ، فقسمه بين المسلمين على السواء (١) (وَأَطِيعُوا اللهَ وَرَسُولَهُ) فيما أمرتم به في الغنائم وغيرها (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) كاملي الإيمان.
٢ ـ (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) إنّما الكاملو (٢) الإيمان (الَّذِينَ إِذا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) فزعت لذكره استعظاما له وتهيّبا من جلاله وعزّة سلطانه (٣) (وَإِذا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ) أي القرآن (زادَتْهُمْ إِيماناً) ازدادوا بها يقينا وطمأنينة ، لأن تظاهر الأدلة أقوى للمدلول عليه وأثبت لقدمه ، أو زادتهم إيمانا بتلك الآيات لأنهم لم يؤمنوا بأحكامها قبل (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) يعتمدون ولا يفوضون أمورهم إلى غير ربّهم ، لا يخشون ولا يرجون إلا إياه.
٣ ـ (الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ) جمع بين أعمال القلوب من الوجل والإخلاص والتوكّل وبين أعمال الجوارح من الصلاة والصدقة.
٤ ـ (أُولئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) هو صفة لمصدر محذوف ، أي أولئك هم المؤمنون إيمانا حقا ، أو هو مصدر مؤكد للجملة التي هي أولئك هم المؤمنون ، كقولك هو عبد الله حقا ، أي حقّ ذلك حقا. وعن الحسن رحمهالله أنّ رجلا سأله أمؤمن أنت؟ قال : إن كنت تسألني عن الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والجنة والنار والبعث الحساب فأنا مؤمن ، وإن كنت تسألني عن قوله : إنما المؤمنون الآية فلا أدري أنا منهم أم لا ، وعن الثوري : من زعم أنه مؤمن بالله حقا ثم لم يشهد أنه من أهل الجنة فقد آمن بنصف الآية. أي كما لا يقطع بأنه من أهل ثواب المؤمنين حقا فلا يقطع بأنه مؤمن حقا ، وبهذا يتشبث من يقول أنا مؤمن إن شاء الله. وكان أبو حنيفة رحمهالله لا يقول ذلك ، وقال لقتادة لم تستثني في إيمانك؟ قال اتباعا لإبراهيم في قوله : (وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ) (٤) فقال له : هلا
__________________
(١) رواه أحمد وإسحاق والطبري من حديث عبادة.
(٢) في (ظ) الكاملون.
(٣) في (ز) وعزه وسلطانه.
(٤) الشعراء ، ٢٦ / ٨٢.