(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ (٢٢) ثُمَّ لَمْ تَكُنْ فِتْنَتُهُمْ إِلاَّ أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ (٢٣) انْظُرْ كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ وَضَلَّ عَنْهُمْ ما كانُوا يَفْتَرُونَ) (٢٤)
والظلم وضع الشيء في غير موضعه ، وأشنعه اتخاذ المخلوق معبودا (مِمَّنِ افْتَرى) اختلق (عَلَى اللهِ كَذِباً) فيصفه بما لا يليق به (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) بالقرآن والمعجزات (إِنَّهُ) إنّ الأمر والشأن (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) جمعوا بين أمرين باطلين ، فكذبوا على الله ما لا حجة عليه ، وكذّبوا بما ثبت بالحجة قالوا : الملائكة بنات الله ، وسمّوا القرآن والمعجزات سحرا.
٢٢ ـ (وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ) هو مفعول به ، والتقدير واذكر يوم نحشرهم (جَمِيعاً) حال من ضمير المفعول (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) مع الله غيره توبيخا ، وبالياء فيهما يعقوب (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) آلهتكم التي جعلتموها شركاء لله (١) (الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) أي تزعمونهم شركاء فحذف المفعولان.
٢٣ ـ (ثُمَّ لَمْ تَكُنْ) وبالياء حمزة وعلي (فِتْنَتُهُمْ) كفرهم (إِلَّا أَنْ قالُوا وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) يعني ثم لم تكن عاقبة كفرهم الذي لزموه أعمارهم وقاتلوا عليه إلا جحوده والتبرؤ منه ، والحلف على الانتفاء من التديّن به ، أو ثم لم يكن جوابهم إلا أن قالوا ، فسمّي فتنة لأنه كذب. وبرفع الفتنة مكي وشامي وحفص ، فمن قرأ تكن بالتاء ورفع الفتنة فقد جعل الفتنة اسم تكن ، وأن قالوا الخبر ، أي لم تكن فتنتهم إلّا مقالتهم (٢) ، ومن قرأ بالياء ونصب الفتنة جعل أن قالوا اسم يكن ، أي لم تكن فتنتهم إلّا قولهم ، ومن قرأ بالتاء ونصب الفتنة حمل على المقالة. ربّنا حمزة وعلي ، على النداء أي يا ربّنا وغيرهما بالجر على النعت من اسم الله.
٢٤ ـ (انْظُرْ) يا محمد (كَيْفَ كَذَبُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ) بقولهم ما كنا مشركين ، قال مجاهد إذا جمع الله الخلائق ورأى المشركون سعة رحمة الله وشفاعة رسول الله صلىاللهعليهوسلم للمؤمنين قال بعضهم لبعض : تعالوا نكتم الشرك لعلنا ننجو مع أهل التوحيد ، فإذا قال لهم الله أين شركاؤكم الذين كنتم تزعمون؟ قالوا والله ربنا ما كنا مشركين ، فيختم الله على أفواههم فتشهد عليهم جوارحهم (وَضَلَّ عَنْهُمْ) وغاب عنهم (ما كانُوا يَفْتَرُونَ) إلهيّته وشفاعته.
__________________
(١) في (ز) الله.
(٢) في (ز) قولهم.