(قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً قُلِ اللهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى قُلْ لا أَشْهَدُ قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ (١٩) الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (٢٠) وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) (٢١)
١٩ ـ (قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهادَةً) أي شيء مبتدأ ، وأكبر خبره ، وشهادة تمييز ، وأيّ كلمة يراد بها بعض ما يضاف إليه ، فإذا كانت استفهاما كان جوابها مسمّى باسم ما أضيفت إليه. وقوله (قُلِ اللهُ) جواب ، أي الله أكبر شهادة فالله مبتدأ ، والخبر محذوف ، فيكون دليلا على أنه يجوز إطلاق اسم الشيء على الله تعالى ، وهذا لأن الشيء اسم للموجود ، ولا يطلق على المعدوم ، والله تعالى موجود ، فيكون شيئا ، ولذا نقول الله تعالى شيء لا كالأشياء ، ثم ابتدأ (شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ) أي هو شهيد بيني وبينكم ، ويجوز أن يكون الجواب الله شهيد بيني وبينكم لأنه إذا كان الله شهيدا بينه وبينهم فأكبر شيء شهادة شهيد له (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هذَا الْقُرْآنُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) أي ومن بلغه القرآن إلى قيام الساعة ، في الحديث : (من بلغه القرآن فكأنّما رأى محمدا) صلىاللهعليهوسلم (١) ومن في محل النصب بالعطف على كم ، والمراد به أهل مكة ، والعائد إليه محذوف ، أي ومن بلغه ، وفاعل بلغ ضمير القرآن (أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) استفهام إنكار وتبكيت (قُلْ لا أَشْهَدُ) بما تشهدون ، وكرّر (قُلْ) توكيدا (إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) ما كافة لأنّ عن العمل ، وهو مبتدأ ، وإله خبره ، وواحد صفة ، أو بمعنى الذي في محل النصب بإنّ ، وهو مبتدأ ، وإله خبره ، والجملة صلة الذي ، وواحد خبر إنّ ، وهذا الوجه أوقع (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ) به.
٢٠ ـ (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ) يعني اليهود والنصارى. والكتاب : التوراة والإنجيل (يَعْرِفُونَهُ) أي رسول الله صلىاللهعليهوسلم بحليته ونعته الثابت في الكتابين (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) بحلاهم ونعوتهم ، وهذا استشهاد لأهل مكة بمعرفة أهل الكتاب به وبصحة نبوته ، ثم قال (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) من المشركين ومن أهل الكتاب الجاحدين (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) به.
٢١ ـ (وَمَنْ أَظْلَمُ) استفهام يتضمن معنى النفي ، أي لا أحد أظلم لنفسه ،
__________________
(١) رواه ابن أبي شيبة وابن الضريس وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن محمد بن كعب القرظي.