الظالمين وكسر شوكتهم ، ودفع الناس إلى استعادة حرياتهم المصادرة واستنقاذ حقوقهم المغتصبة ، وأفضل شاهد على ذلك حركة النبي ابراهيم الخليل ـ عليه السلام ـ ضد نمرود ، وحركة النبي موسى ـ عليه السلام ـ ضد فرعون ، والدعوة المحمدية ، وثورة الامام الشهيد الحسين بن علي عليه السلام ضد السلطات الأموية الجائرة المستغلة ، وغيرها وغيرها. (١)
وأما ادعاء أصحاب هذه النظرية باستغلال العقيدة الدينية من قبل بعض الطبقات فانه لا يثبت أكثر من ان المستغِلين استخدموا الدين كذريعة لتحقيق مطامعهم وحفظ مواقعهم ، والابقاء على مصالحهم ، وهذا ليس مما ينكر فان من طبيعة المستغل أن يستخدم كل ما يخدم مصالحه ، ويحقق أطماعه ، ويضمن أرباحه ، ولذلك فهو يستخدم العقيدة الدينية في هذا السبيل كما يستخدم الالحاد أيضاً ، ويروجه ويشجعه اذا وجده يحقق له مآربه ، ويخدم مقاصده.
غير أن السؤال المحير هنا هو : كيف استطاع هؤلاء المستغلين أن يتوسلوا بالعقيدة الدينية لخدمة مصالحهم اذا لم تكن العقيدة شيئاً واقعاً في الأذهان ، مقبولا لدى النفوس ، أي أنها لم تكن مما تقتضيه الفطرة وتطلبه ، ولم تكن العقول تقضي به لوجود رابطة عقلية بين مشاهدة النظام الكوني والاعتقاد بالخالق المنظم؟
ألا يدل ذلك على أن العقيدة الدينية كانت تجد هوى في النفوس ، وقبولا في العقول ، وان ذلك كان بمثابة الفرصة التي استغلها المستغلون ، وكانت بمثابة الأرضية المناسبة التي ساعدتهم على استخدامها في سبيل مصالحهم ، والا فكيف
__________________
(١) بل وكل الحركات الدينية وخاصة الاسلامية التي سارت على خطى الرسول الاكرم والامام الحسين وغيرهما من قادة الاسلام ، لمكافحة الاستبداد أو الاستعمار أو الاستغلال.