يمكن أن يتقبل الناس ما لا يلقی هوى في نفوسهم ، وقبولا في عقولهم بالمرة بل يستوحشون منه كما يستوحشون من الأشباح والغيلان.
أجل ان شأن العقيدة الدينية شأن البضائع التي يقبل عليها الناس ويطلبونها بدافع من حاجتهم الفطرية ورغبتهم الطبيعية ، وميلهم الذاتي.
فهذا الاقبال هو الفرصة المناسبة التي تساعد الذين يبحثون عن الأرباح الطائلة بأن يسلكوا سبيل الغش فيها ويسهل لهم أن يخدعوا الناس بالبضائع المنمقة ظاهراً.
وخلاصة القول : أن الشيء ما لم يكن مقبولا ذاتياً عند الناس لم يمكن لأحد أن يستغله ويتوسل به لتحقيق مطامعه فيهم.
فالاسكافي والخياط لا يمكنهما خداع الناس بما يعرضانه من ألبسة وأحذية زاهية في الظاهر ، مغشوشة في الباطن لو لم يكن هناك رغبة ذاتية ، وأولية ، وطلب طبيعي لدى الناس لهذه الاشياء ، يستغلها أمثال هؤلاء الأشخاص.
* * *
القرآن ونظرية الاستغلال
ان افتراء الماديين على رجال الوحي لا ينحصر في باب دون باب ، فانهم كما افتروا عليهم في النظرية السابقة فقد افتروا عليهم في هذه النظرية أيضاً اذ ادعوا أن رجال الوحي كانوا يمالئون المستغلين والظالمين ، والحال ان صحائف تاريخهم الساطعة تشهد بخلاف هذا الزعم.
فقد كان النبي يدعو الناس ـ قبل أي شيء ـ الى كلمة الاخلاص والتوحيد وهي «لا اله الا الله» (راجع سورة الأعراف والانبياء).
ولنتدارس هذه الكلمة التي يرددها ملايين البشر على وجه الأرض ، لنقف