وهذا العشق والحب يتخذ صورة نوع من أنواع التعاون ، وخصوصاً بين الفتيات مقروناً بالقفزات العرفانية ، وبالتالي فان في هذه الفترة بالضبط تظهر التوجهات والاحساسيس الدينية في صورة دقيقة (١).
نعم إن هذه الظاهرة وان كانت لا تحتاج في نشوئها الى تعليم أو تلقين ، ولكنها تفتقر في نموها وتكاملها إلى المعلم ، فتتكامل اذا توفر التعليم الصحيح ، والتوجيه الصالح ، حتى تتخذ صورة الايمان الواضح والعقيدة اليقينية.
٣ ـ التدين ليس وليد العوامل المحيطية :
ان وجود التديّن في جميع البلاد والمناطق ، على اختلاف مناخاتها ، وطقوسها الجوية ، واختلاف أحوالها الطبيعية خير دليل على فطرية هذه الظاهرة ، والا لزم أن يكون التدين موجوداً في بلد دون آخر تبعاً للجو والطقس وغيره من العوامل المحيطية والبيئية كما هو الحال بالنسبة الى أشكال الألبسة ، وكيفيات المطاعم والمآكل ، وهندسة البيوت والأبنية التي تختلف من قطر الى قطر ومنطقة إلى منطقة تبعاً للظروف المحيطية المتنوعة.
فأنى ضربت في ارجاء هذه المعمورة وجدت المساجد والمعابد ، والكنائس والأديرة ، والهياكل والاماكن المخصصة للعبادة ، وسمعت أصوات الأذان ، ودقات النواقيس تخترق الفضاء وصيحات الذكر والدعاء ، والضراعة والابتهال تتعالى في الأجواء ، ورأيت قرابين تقدم ، ووجدت بخوراً ونشيداً وطقوساً والتماسات من غير فرق بین قارة وأخرى ، ومنطقة وثانية ، وشعب وآخر.
فالتدين ظاهرة عالمية شاملة وليست تابعة للعوامل المحيطية أو الجغرافية.
__________________
(١) ـ كتاب «البلوغ» لموريس دبس ـ الاستاذ في جامعة استراسبورغ ـ مترجما.