للمؤمنين ، وقال آخرون : هذا النداء إنما هو في الموقف عند ما ينطلق بأهل النار إلى النار. * ت* : ولا مانع / أن يكون النداء في جميع هذه المواطن ، ولما تكلّم ابن عطاء الله في مراعاة أحوال النفس قال : ربّ صاحب ورد عطّله عن ورده والحضور فيه مع ربه همّ التدبير في المعيشة وغيرها من مصالح النفس ، وأنواع وساوس الشيطان في التدبير لا تنحصر ، ومتى أعطاك الله سبحانه الفهم عنه عرّفك كيف تصنع ، فأيّ عبد توفّر عقله واتّسع نوره نزلت عليه السكينة من ربّه فسكنت نفسه عن الاضطراب ، ووثقت بوليّ الأسباب ، فكانت مطمئنة ، أي : خامدة ساكنة مستسلمة لأحكام الله ثابتة لأقداره وممدودة بتأييده وأنواره ، فاطمأنّت لمولاها ؛ لعلمها بأنه يراها : (أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ) [فصلت : ٥٣] فاستحقّت أن يقال لها : (يا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ* ارْجِعِي إِلى رَبِّكِ راضِيَةً مَرْضِيَّةً) وفي الآية خصائص عظيمة لها منها ترفيع شأنها بتكنيتها ومدحها بالطّمأنينة ثناء منه سبحانه عليها بالاستسلام إليه والتوكل عليه ، والمطمئنّ المنخفض من الأرض ، فلما انخفضت بتواضعها وانكسارها ؛ أثنى عليها مولاها ، ومنها قوله : (راضِيَةٍ) أي : عن الله في الدنيا بأحكامه ، و (مَرْضِيَّةً) في الآخرة بجوده وإنعامه ، وفي ذلك إشارة للعبد أنّه لا يحصل له أن يكون مرضيّا عند الله في الآخرة حتى يكون راضيا عن الله في الدنيا ، انتهى من «التنوير».