الأمشاج لفظ / مفرد ، وليس يجمع ، بدليل أنّه وقع صفة للمفرد ، وهو قوله : (نُطْفَةٍ) ، انتهى.
(نَبْتَلِيهِ) أي : نختبره بالإيجاد والكون في الدنيا ، وهو حال من الضمير في (خَلَقْنَا) كأنّه قال : مختبرين له بذلك.
وقوله تعالى : (فَجَعَلْناهُ سَمِيعاً بَصِيراً) عطف جملة نعم على جملة نعم ، وقيل : المعنى : فلنبتليه جعلناه سميعا بصيرا و (هَدَيْناهُ) : يحتمل : أن يكون بمعنى أرشدناه ، ويحتمل : أن يكون بمعنى أريناه ، وليس الهدى في هذه الآية بمعنى خلق الهدى والإيمان ، وعبارة الثّعلبيّ : (هَدَيْناهُ السَّبِيلَ) بيّنا له وعرّفناه طريق الهدى والضلال ، والخير والشر ؛ كقوله : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ) [البلد : ١٠] انتهى.
وقوله تعالى : (إِمَّا شاكِراً وَإِمَّا كَفُوراً) حالان ، وقسمتهما (إِمَّا) ، و (الْأَبْرارَ) : جمع بارّ ؛ قال الحسن : هم الذين لا يؤذون الذّرّ ، ولا يرضون الشرّ (١) ، قال قتادة : نعم قوم يمزج لهم بالكافور ، ويختم لهم بالمسك (٢) ، قال الفرّاء : يقال إنّ في الجنة عينا تسمى كافورا.
(عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً)(٨)
وقوله تعالى : (عَيْناً) قيل : هو بدل من قوله : (كافُوراً) وقيل : هو مفعول بقوله : (يَشْرَبُونَ) أي : ماء هذه العين من كأس عطرة كالكافور ، وقيل : نصب (عَيْناً) على المدح أو بإضمار «أعني».
قوله تعالى : (يَشْرَبُ بِها) بمنزلة [يشربها] ، فالباء زائدة ؛ قال الثعلبيّ : قال الواسطي : لمّا اختلفت أحوالهم في الدنيا اختلفت أشربتهم في الآخرة ، انتهى.
قال ـ ص ـ : وقيل : الباء في (بِها) للإلصاق والاختلاط ، أي : يشرب بها عباد الله الخمر ؛ كما تقول : شربت الماء بالعسل ، انتهى.
وقوله تعالى : (يُفَجِّرُونَها) معناه : يفتقونها ويقودونها حيث شاؤوا / من منازلهم
__________________
(١) ذكره ابن عطية (٥ / ٤٠٩)
(٢) أخرجه الطبري (١٢ / ٣٥٧ ، ٣٥٨) ، رقم : (٣٥٧٦٧) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٢٦) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٤٨٣) ، وعزاه لعبد بن حميد ، وابن المنذر عن قتادة بنحوه.