مبنيّا للفاعل ، والضمير في (تَرَكْناها) قال مكّيّ : هو عائد على هذه الفعلة والقصّة ، وقال قتادة وغيره (١) : هو عائد على السفينة ، / و (مُدَّكِرٍ) أصله : مذتكر ؛ أبدلوا من التّاء دالا ، ثم أدغموا الذّال في الدّال ، وهذه قراءة الناس ، قال أبو حاتم : ورويت عن النبي صلىاللهعليهوسلم بإسناد صحيح.
(فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٦) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (١٧) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (١٨) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ)(١٩)
وقوله تعالى : (فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ) : توقيف لكفار قريش ، والنذر : هنا جمع نذير ، وهو المصدر ، والمعنى : كيف كان عاقبة إنذاري لمن لم يحفل به كأنتم أيّها القوم؟ و (يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ) أي : سهّلناه وقرّبناه ، والذّكر : الحفظ عن ظهر قلب ؛ قال* ع (٢) * : يسّر بما فيه من حسن النظم وشرف المعاني ، فله حلاوة في القلوب ، وامتزاج بالعقول السليمة.
وقوله : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) : استدعاء وحضّ على ذكره وحفظه ؛ لتكون زواجره وعلومه حاضرة في النفس ، فلله درّ من قبل وهدي.
* ت* : وقال الثعلبيّ : (فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ) أي : من متّعظ.
وقوله : (فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) الآية : ورد في بعض الأحاديث في تفسير هذه الآية : (يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ) : يوم الأربعاء ، ومستمر معناه : متتابع.
(تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (٢٠) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٢١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٢٢) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (٢٣) فَقالُوا أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ (٢٤) أَأُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (٢٥) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (٢٦) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَاصْطَبِرْ (٢٧) وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (٢٨) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى فَعَقَرَ (٢٩) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَنُذُرِ (٣٠) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (٣١) وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (٣٢) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (٣٣) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (٣٤) نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (٣٥) وَلَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٥٥٤) برقم : (٣٢٧٦١) ، وذكره البغوي (٤ / ٢٦١) ، وابن عطية (٥ / ٢١٤) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٦٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ١٨٠) ، وعزاه لعبد الرزاق ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر.
(٢) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢١٥)