وقوله : (وَإِنْ يَرَوْا) : جاء اللفظ مستقبلا ، لينتظم ما مضى وما يأتي ، فهو إخبار بأنّ حالهم هكذا.
وقوله : (مُسْتَمِرٌّ) : قال الزّجّاج : قيل معناه : دائم متماد ، وقال قتادة وغيره (١) : معناه : مارّ ذاهب عن قريب يزول ، ثم قال سبحانه على جهة جزم الخبر : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) كأنّه يقول : وكلّ شيء إلى غاية عنده سبحانه ، و (مُزْدَجَرٌ) معناه : موضع زجر.
وقوله : (فَما تُغْنِ النُّذُرُ) : يحتمل أن تكون «ما» نافية ، ويحتمل أن تكون استفهاميّة.
ثم سلّى سبحانه نبيّه* ع* بقوله : (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) أي : لا تذهب نفسك عليهم حسرات ، وتمّ القول في قوله : (عَنْهُمْ) ثم ابتدأ وعيدهم بقوله : (يَوْمَ) والعامل في [(يَوْمَ)] قوله (يَخْرُجُونَ) وقال الرمّانيّ : المعنى : فتولّ عنهم ، واذكر يوم (٢) ، وقال الحسن : المعنى : فتوّل عنهم إلى يوم (٣).
وقرأ الجمهور (٤) : «نكر» ـ بضم الكاف ـ ؛ قال الخليل : النكر : نعت للأمر الشديد والرجل الداهية ، وخصّ الأبصار بالخشوع ، لأنّه فيها أظهر منه في سائر الجوارح ، وكذلك سائر ما في نفس الإنسان من حياء أو صلف أو خوف ونحوه ؛ إنّما يظهر في الأبصار ، و (الْأَجْداثِ) : جمع جدث وهو القبر ، وشبّههم سبحانه بالجراد المنتشر ، وقد شبههم سبحانه في آية أخرى بالفراش المبثوث ، وفيهم من كلّ هذا شبه ، وذهب بعض المفسرين إلى أنّهم أوّلا كالفراش حين يموج بعضهم في بعض ؛ ثم في رتبة أخرى كالجراد إذا توجّهوا نحو المحشر والداعي ، والمهطع : المسرع في مشيه نحو الشيء مع هزّ ورهق ومدّ بصر نحو المقصد ، إمّا لخوف ، / أو طمع ونحوه ؛ قال أبو حيان (٥) : (مُهْطِعِينَ) أي : مسرعين ، وقيل : فاتحين آذانهم للصوت ، انتهى.
و (يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) لما يرون من مخايل هوله وعلامات مشقته.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٥٤٨) برقم : (٣٢٧٢٢) ، وذكره البغوي (٤ / ٤٥٨) ، وابن عطية (٥ / ٢١٢) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٦٣)
(٢) ذكره ابن عطية (٥ / ٢١٢)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ٢١٢)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٥ / ٢١٢) ، و «البحر المحيط» (٨ / ١٧٣) ، و «الدر المصون» (٦ / ٢٢٢)
(٥) ينظر : «البحر المحيط» (٨ / ١٧٤)