ـ ص ـ : (إِذا هَوى) أبو البقاء : العامل في الظرف فعل القسم المحذوف ، أي : أقسم بالنجم وقت هويّه ، وجواب القسم : (ما ضَلَ) ، انتهى ، قال الفخر (١) : أكثر المفسرين لم يفرّقوا بين الغيّ والضلال ، وبينهما فرق ؛ فالغيّ : في مقابلة الرشد ، والضلال أعمّ منه ، انتهى. (وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى) : يريد محمّدا صلىاللهعليهوسلم أنّه لا يتكلم عن هواه ، أي : بهواه وشهوته ، وقال بعض العلماء : وما ينطق القرآن المنزّل عن هوى.
* ت* : وهذا تأويل بعيد من لفظ الآية كما ترى.
(إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحى (٤) عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوى (٥) ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى (٦) وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلى (٧) ثُمَّ دَنا فَتَدَلَّى (٨) فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى (٩) فَأَوْحى إِلى عَبْدِهِ ما أَوْحى)(١٠)
وقوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى) يراد به القرآن بإجماع.
* ت* : وليس هذا الإجماع بصحيح ، ولفظ الثعلبيّ (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ) أي : ما نطقه في الدّين إلّا بوحي ، انتهى ، وهو أحسن إن شاء الله ، قال الفخر (٢) : الوحي اسم ، ومعناه : الكتاب ، أو مصدر وله معان : منها الإرسال ، والإلهام ، والكتابة ، والكلام ، والإشارة ، فإن قلنا : هو ضمير القرآن فالوحي اسم معناه الكتاب ، ويحتمل أن يقال : مصدر ، أي : ما القرآن إلّا إرسال ، أي : مرسل ، وإن قلنا : المراد من قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ) قول محمّد وكلامه فالوحي حينئذ هو الإلهام ، أي : كلامه ملهم من الله أو مرسل ، انتهى ، والضمير في (عَلَّمَهُ) لنبيّنا محمّد صلىاللهعليهوسلم ، والمعلّم هو جبريل* ع* قاله ابن عبّاس وغيره (٣) ، أي : علّم محمّدا القرآن ، و (ذُو مِرَّةٍ) معناه : ذو قوّة ؛ قاله قتادة وغيره (٤) ؛ ومنه قوله* ع* : «لا تحلّ الصدقة لغنيّ ولا لذي مرّة سوي» (٥). وأصل المرّة من مرائر الحبل ، وهي فتله وإحكام عمله.
__________________
(١) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٢٤١)
(٢) ينظر : «تفسير الرازي» (١٤ / ٢٤١)
(٣) ذكره ابن عطية (٥ / ١٩٦)
(٤) ينظر : المصدر السابق.
(٥) أخرجه أبو داود (١ / ٥١٤) ، كتاب «الزكاة» باب : من يعطى من الصدقة وحد الغنى (١٦٣٤) ، والترمذي (٣ / ٣٣) كتاب «الزكاة» باب : ما جاء من لا تحل له الصدقة (٦٥٢) ، وابن ماجه (١ / ٥٨٩) ، كتاب «الزكاة» باب : من سأل عن ظهر غنّى (١٨٣٩) ، والحاكم (١ / ٤٠٧) نحوه ، والنسائي (٥ / ٩٩) ، كتاب «الزكاة» باب : إذا لم يكن له دراهم وكان له عدلها (٢٥٩٧) ، وابن حبان (٣ / ١٠٢) ـ الموارد (٨٠٦) ، وعبد الرزاق في «المصنف» (٤ / ١١٠) (٧١٥٥).
قال الترمذي : حديث عبد الله بن عمر حديث حسن.