أي : لعنهم الله ، انتهى ، وقد تقدّم للشيخ عند قوله تعالى : (عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ) [الفتح : ٦] قال : كلّ ما كان بلفظ دعاء من جهة الله عزوجل ، فإنّما هو بمعنى إيجاب الشيء ؛ لأنّ الله تعالى لا يدعو على مخلوقاته ، انتهى بلفظه ، وظاهره مخالف لما هنا ، وسيبينه في «سورة البروج» ، والخرّاص : المخمّن القائل بظنّه ، والإشارة إلى مكذّبي النبي صلىاللهعليهوسلم ، والغمرة : ما يغشى الإنسان ويغطيه ؛ كغمرة الماء ، و (ساهُونَ) معناه : عن وجوه النظر.
وقوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ) أي : يوم الجزاء ، وذلك منهم على جهة الاستهزاء.
(يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ (١٣) ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تَسْتَعْجِلُونَ (١٤) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (١٥) آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ (١٦) كانُوا قَلِيلاً مِنَ اللَّيْلِ ما يَهْجَعُونَ)(١٧)
وقوله : (يَوْمَ هُمْ عَلَى النَّارِ يُفْتَنُونَ) قال الزّجّاج (١) : التقدير : هو كائن يوم هم على النار يفتنون ، و (يُفْتَنُونَ) معناه : يحرقون ويعذّبون في النار ؛ قاله ابن عبّاس والناس (٢) ، وفتنت الذهب أحرقته ، و (ذُوقُوا فِتْنَتَكُمْ) أي : حرقكم وعذابكم ؛ قاله قتادة وغيره (٣).
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ ...) الآية ، روى الترمذيّ عن النبي صلىاللهعليهوسلم قال : «لا يبلغ العبد أن يكون من المتّقين ، حتّى يدع ما لا بأس به ؛ حذرا لما به البأس» قال أبو عيسى : هذا حديث حسن (٤) ، انتهى ، وقوله سبحانه في المتقين : (آخِذِينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) أي : محصّلين ما أعطاهم ربّهم سبحانه من جناته ، ورضوانه ، وأنواع كراماته (إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ) : يريد في الدنيا (مُحْسِنِينَ) : بالطاعات] والعمل الصالح.
__________________
(١) ينظر : «معاني القرآن» (٥ / ٥٢)
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٤٤٩) برقم : (٣٢٠٧٩) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٧٣) ، وابن كثير في «تفسيره» (٤ / ٢٣٢)
(٣) أخرجه الطبري (١١ / ٤٥٠) برقم : (٣٢٠٩٢) ، وذكره ابن عطية (٥ / ١٧٤)
(٤) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٣٤) كتاب «صفة القيامة» باب : (٩) (٢٤٥١) ، وابن ماجه (٢ / ١٤٠٩) كتاب «الزهد» باب : الورع والتقوى (٤٢١٥) ، والبيهقي (٥ / ٣٣٥) كتاب «البيوع» باب : كراهية مبايعة من أكثر ماله من الربا أو ثمن المحرم ، والطبراني (١٧ / ١٦٩) ، (٤٤٦) ، والحاكم (٤ / ٣١٩).
قال الترمذي : هذا حديث حسن غريب ، لا نعرفه إلا من هذا الوجه.
قال الحاكم : هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه.