وقيل غير هذا (١).
وقوله سبحانه : (أَفَمَنْ كانَ عَلى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ ...) الآية ، توقيف وتقرير ، وهي معادلة بين هذين الفريقين ، واللفظ عامّ لأهل هاتين الصفتين غابر الدّهر ، و (عَلى بَيِّنَةٍ) أي : على يقين وطريق واضحة وعقيدة نيّرة بيّنة.
وقوله سبحانه : (مَثَلُ الْجَنَّةِ ...) الآية ، قال النضر بن شميل وغيره (مَثَلُ) معناه : صفة ؛ كأنّه قال : صفة الجنة : ما تسمعون فيها كذا وكذا.
وقوله : (فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ) معناه : غير متغيّر ؛ قاله ابن عبّاس وقتادة (٢) ، وسواء أنتن أو لم ينتن.
وقوله في اللبن : (لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ) : نفي لجميع وجوه الفساد فيه.
وقوله : (لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) جمعت طيب الطّعم وزوال الآفات من الصداع وغيره ، وتصفية العسل مذهبة لمومه وضرره.
* ت* : وروّينا في «كتاب التّرمذيّ» عن حكيم بن معاوية عن أبيه عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «إنّ في الجنّة بحر الماء ، وبحر العسل ، وبحر اللّبن ، وبحر الخمر ، ثمّ تشقّق الأنهار بعد» (٣) قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ، انتهى.
وقوله : (وَلَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ) أي : من هذه الأنواع / لكنها بعيدة الشبه ؛ تلك لا عيب فيها ولا تعب.
وقوله : (وَمَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ) معناه : وتنعيم أعطته المغفرة وسبّبّته ، وإلّا فالمغفرة إنّما هي قبل دخول الجنّة.
__________________
(١) أخرجه الطبري (١١ / ٣١٣) برقم : (٣١٣٧٢) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٤) ، وعزاه إلى عبد بن حميد ، وأبي يعلى ، وابن أبي حاتم.
(٢) أخرجه الطبري (١١ / ٣١٣ ـ ٣١٤) برقم : (٣١٣٧٣ ـ ٣١٣٤٧) بمثله ومعناه ، وذكره ابن عطية (٥ / ١١٤) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥) ، وعزاه إلى ابن أبي حاتم عن ابن عبّاس ، وعبد الرزاق ، وعبد بن حميد عن قتادة بمعناه.
(٣) أخرجه الترمذي (٤ / ٦٩٩) كتاب «صفة الجنة» باب : ما جاء في صفة أنها الجنة (٢٥٧١) ، وأحمد (٥ / ٥) ، والبيهقي في «البعث والنشور» (٢٦٤) ، وذكره السيوطي في «الدر المنثور» (٦ / ٢٥) ، وعزاه إلى ابن المنذر ، وابن مردويه.
قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.