(إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ فاكِهُونَ (٥٥) هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ عَلَى الْأَرائِكِ مُتَّكِؤُنَ (٥٦) لَهُمْ فِيها فاكِهَةٌ وَلَهُمْ ما يَدَّعُونَ (٥٧) سَلامٌ قَوْلاً مِنْ رَبٍّ رَحِيمٍ)(٥٨)
وقوله تعالى : (إِنَّ أَصْحابَ الْجَنَّةِ الْيَوْمَ فِي شُغُلٍ) قال ابن عبّاس وغيره : هو افتضاض الأبكار (١).
وقال ابن عبّاس أيضا : هو سماع الأوتار (٢).
وقال مجاهد : معناه : نعيم قد شغلهم (٣).
قال* ع (٤) * : وهذا هو القول الصحيح ؛ وتعيين شيء دون شيء لا قياس له.
وقوله سبحانه : (هُمْ وَأَزْواجُهُمْ فِي ظِلالٍ) جاء في «صحيح البخاري» وغيره عن النبيّ صلىاللهعليهوسلم قال : «سبعة يظلّهم الله في ظلّه يوم لا ظلّ إلّا ظلّه : إمام عادل ، وشاب نشأ في عبادة ربّه ، ورجل قلبه متعلّق بالمسجد ، ورجلان تحابّا في الله ، اجتمعا عليه وتفرّقا عليه ، ورجل طلبته امرأة ذات منصب وجمال ؛ فقال : إنّي أخاف الله ، ورجل تصدّق بصدقة ؛ فأخفاها حتّى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه ، ورجل ذكر الله تعالى خاليا ففاضت عيناه» (٥) انتهى. وهذا الظّلّ المذكور في الحديث ؛ هو في المحشر.
قال الشيخ ابن أبي جمرة (رضي الله عنه) : وظلال الآخرة ، ما فيها مباح ؛ بل كلّها قد تملكت بالأعمال التي عملها العاملون الذين هداهم الله تعالى ؛ فليس هناك لصعلوك الأعمال ظلّ ، انتهى ؛ وهو كما قال ، فشمّر عن ساق الجدّ ؛ إن أردت الفوز ؛ أيّها الأخ والسلام. و (الْأَرائِكِ) : السرر المفروشة ، قيل : ومن شرطها أن تكون عليها حجلة وإلّا
__________________
(١) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٥٢) عن عبد الله بن مسعود برقم : (٢٩١٨٧) ، وعن ابن عبّاس برقم : (٢٩١٨٨) ، وعن سعيد بن المسيب برقم : (٢٩١٩١) ، وذكره البغوي في «تفسيره» (٤ / ١٥) ، وابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٧٥) ، والسيوطي في «الدر المنثور» (٥ / ٥٠٠) ، وعزاه لابن أبي شيبة ، وابن أبي الدنيا في «صفة الجنة» ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، وابن مردويه من طرق عن ابن عبّاس. ولعبد بن حميد ، وابن أبي الدنيا ، وعبد الله بن أحمد في «زوائد الزهد» ، وابن المنذر عن ابن مسعود.
(٢) ذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٨) ، وابن كثير في «تفسيره» (٣ / ٥٧٥)
(٣) أخرجه الطبري في «تفسيره» (١٠ / ٤٥٢) برقم : (٢٩١٩٢) ، بلفظ : «في نعمة» ، وذكره ابن عطية في «تفسيره» (٤ / ٤٥٨)
(٤) ينظر : «المحرر الوجيز» (٤ / ٤٥٨)
(٥) تقدم تخريجه.