مِنَ الصَّالِحِينَ (٧٥) وَنُوحاً إِذْ نادى مِنْ قَبْلُ فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦)
وقوله سبحانه : (وَنَجَّيْناهُ وَلُوطاً ...) الآية. روي أنّ إبراهيم عليهالسلام لما خرج من النار أحضره نمرود ، وقال له في بعض قوله : يا إبراهيم ، أين جنود ربّك الذي تزعم؟ فقال له عليهالسلام : سيريك فعل أضعف جنوده ، فبعث الله تعالى على نمرود وأصحابه سحابة من بعوض فأكلتهم عن آخرهم ودوابّهم حتى كانت العظام تلوح بيضاء ، ودخلت منها بعوضة في رأس نمرود ، فكان رأسه يضرب بالعيدان وغيرها ، ثم هلك منها ، وخرج إبراهيم وابن أخيه لوط ـ عليهماالسلام ـ من تلك الأرض مهاجرين ، وهي «كوثى» من العراق ، ومع إبراهيم بنت عمّه ، سارة زوجته ، وفي تلك السفرة لقي الجبار الذي رام أخذها منه ، واختلف في الأرض التي بورك فيها ونحا إليها إبراهيم ولوط ـ عليهماالسلام ـ ، فقالت فرقة : هي مكّة ، وقال الجمهور : هي الشام ، فنزل إبراهيم بالسبع من أرض فلسطين ، وهي برية الشام ، ونزل لوط بالمؤتكفة ، «والنافلة» : العطيّة ، وباقي الآية بيّن ، وخبائث قرية لوط هي إتيان الذكور ، وتضارطهم في مجالسهم ، إلى غير ذلك من قبيح أفعالهم.
(وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا إِنَّهُمْ كانُوا قَوْمَ سَوْءٍ فَأَغْرَقْناهُمْ أَجْمَعِينَ (٧٧) وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ (٧٨) فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ وَكُلاًّ آتَيْنا حُكْماً وَعِلْماً وَسَخَّرْنا مَعَ داوُدَ الْجِبالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فاعِلِينَ (٧٩) وَعَلَّمْناهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شاكِرُونَ (٨٠) وَلِسُلَيْمانَ الرِّيحَ عاصِفَةً تَجْرِي بِأَمْرِهِ إِلى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها وَكُنَّا بِكُلِّ شَيْءٍ عالِمِينَ (٨١) وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلاً دُونَ ذلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حافِظِينَ (٨٢) وَأَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنا لَهُ فَكَشَفْنا ما بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْناهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَذِكْرى لِلْعابِدِينَ) (٨٤)
وقوله سبحانه في نوح ـ عليهالسلام ـ : (وَنَصَرْناهُ مِنَ الْقَوْمِ ...) الآية ، لما كان جلّ نصرته النجاة ، وكانت غلبة قومه بأمر أجنبيّ منه ـ حسن أن يقول : «نصرناه من» ، ولا تتمكن هنا «على».
قال* ص* : عدّي «نصرناه» ب «من» ؛ لتضمنه معنى : نجينا ، وعصمنا ، ومنعنا. وقال أبو عبيدة : «من» بمعنى «على».