وقالت فرقة : الضمير في (١) (لا يَمْلِكُونَ) للمتقين.
وقوله : (إِلَّا مَنِ اتَّخَذَ ...) الآية أي : إلّا من كان له عمل صالح مبرور ؛ [فيشفع] فيشفّع (٢) ، وتحتمل الآية أن يراد ب «من» النبي صلىاللهعليهوسلم ، وبالشّفاعة الخاصّة له العامة في أهل الموقف ، ويكون الضمير في (لا يَمْلِكُونَ) (٣) لجميع أهل الموقف ؛ ألا ترى أنّ سائر الأنبياء يتدافعون الشفاعة إذ ذاك ، حتّى تصير إليه صلىاللهعليهوسلم.
(وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً) (٨٨)
وقوله تعالى : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً).
قال الباجيّ في «سنن الصالحين» له : روي عن ابن مسعود ، أنه قال : إنّ الجبل ليقول للجبل : يا فلان ، هل مرّ بك اليوم ذاكر لله تعالى؟ فإن قال : نعم ، سرّ به (٤) ، ثمّ قرأ عبد الله : (وَقالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمنُ وَلَداً لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا) إلى قوله : (وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً) قال : أترونها تسمع الزور ، ولا تسمع الخير (٥). انتهى.
وهكذا رواه ابن المبارك في «رقائقه» وما ذكره ابن مسعود لا يقال من جهة الرأي ، وقد روي عن أنس ، وغيره نحوه.
قال الباجي بإثر الكلام المتقدم : وروى جعفر بن زيد ، عن أنس بن مالك أنه قال : ما من صباح ولا رواح إلّا وتنادي بقاع الأرض بعضها بعضا : أي جارة ، هل مرّ بك اليوم عبد يصلّي أو يذكر الله؟ فمن قائلة : لا ، ومن قائلة : نعم ، فإذا قالت : نعم ، رأت لها فضلا بذلك. انتهى.
(لَقَدْ جِئْتُمْ شَيْئاً إِدًّا (٨٩) تَكادُ السَّماواتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنْشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبالُ هَدًّا (٩٠) أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمنِ وَلَداً (٩١) وَما يَنْبَغِي لِلرَّحْمنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً (٩٢) إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣) لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤) وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥)
__________________
(١) في ج ، ب : في قوله.
(٢) في ب : ليشفع.
(٣) في ج : في يملكون.
(٤) ذكره السيوطي (٤ / ٥١١) وعزاه لابن المبارك ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وأحمد في «الزهد» ، وابن أبي حاتم ، وأبي الشيخ في «العظمة» ، والطبراني ، والبيهقي في «شعب الإيمان» عن طريق عون عن ابن مسعود.
(٥) ذكره السيوطي (٤ / ٥١١) ، وعزاه لعون.