مجاهد (١) : كانوا يأتون الرجال في مجالسهم ؛ وبعضهم يرى بعضا.
وقال ابن عباس (٢) : كانوا يتضارطون ويتصافعون في مجالسهم ، وقيل غير هذا ، وقد تقدم قصص الآية مكرّرا والرجز : العذاب.
وقوله تعالى : (وَلَقَدْ تَرَكْنا مِنْها) ؛ أي : من خبرها وما بقي من آثارها ، والآية : موضع العبرة ، وعلامة القدرة ، ومزدجر النفوس عن الوقوع في سخط الله تعالى.
(وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (٣٦) فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ (٣٧) وَعاداً وَثَمُودَ وَقَدْ تَبَيَّنَ لَكُمْ مِنْ مَساكِنِهِمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ فَصَدَّهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَكانُوا مُسْتَبْصِرِينَ (٣٨) وَقارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهامانَ وَلَقَدْ جاءَهُمْ مُوسى بِالْبَيِّناتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَما كانُوا سابِقِينَ (٣٩) فَكُلاًّ أَخَذْنا بِذَنْبِهِ فَمِنْهُمْ مَنْ أَرْسَلْنا عَلَيْهِ حاصِباً وَمِنْهُمْ مَنْ أَخَذَتْهُ الصَّيْحَةُ وَمِنْهُمْ مَنْ خَسَفْنا بِهِ الْأَرْضَ وَمِنْهُمْ مَنْ أَغْرَقْنا وَما كانَ اللهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٤٠) مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٤١)
وقوله تعالى : (وَإِلى مَدْيَنَ أَخاهُمْ شُعَيْباً فَقالَ يا قَوْمِ اعْبُدُوا اللهَ وَارْجُوا الْيَوْمَ الْآخِرَ ...) الآية ، الرجاء في الآية : على بابه ، وذهب أبو عبيدة إلى أن المعنى : وخافوا ، و (تَعْثَوْا) معناه : تفسدوا ، و (السَّبِيلِ) : هي طريق الإيمان ، ومنهج النجاة من النار ، و (ما كانُوا سابِقِينَ) ، أي : مفلتين أخذنا وعقابنا ، وقيل : معناه : وما كانوا سابقين الأمم إلى الكفر ، وباقي الآية بيّن.
(إِنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ (٤٢) وَتِلْكَ الْأَمْثالُ نَضْرِبُها لِلنَّاسِ وَما يَعْقِلُها إِلاَّ الْعالِمُونَ (٤٣) خَلَقَ اللهُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ (٤٤) اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَأَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ وَاللهُ يَعْلَمُ ما تَصْنَعُونَ) (٤٥)
__________________
(١) أخرجه الطبريّ (١٠ / ١٣٧) رقم (٢٧٧٥٢) ، وذكره البغوي (٣ / ٤٦٦) ، وابن عطية (٤ / ٣١٥) ، والسيوطي (٥ / ٢٧٦) ، وعزاه للفريابي ، وسعيد بن منصور ، وعبد بن حميد ، وابن جرير ، وابن المنذر ، وابن أبي حاتم ، والخرائطي في «مساوئ الأخلاق» عن مجاهد.
(٢) ذكره ابن عطية (٤ / ٣١٥)